والعجيبُ أنَّ ناقدي كتابِ (العين) من معاصريه ومنْ بعدهم، لم يشيروا إلى إمامةِ كتابِ (العينِ) في التَّصنيفِ على حروفِ المعجمِ، ومحاولتِه جمعَ ما جاء عن العربِ في هذا المؤلَّفِ، وهذا إبداعٌ كانَ يلزمُ له الإذعانُ والقبولُ.
ووقوعُ الخطأ فيه ـ إنْ صحَّ ذلكَ ـ لا يجعلُهُ منبوذاً لا تصحُّ الاستفادةُ منه! إذ كان يكفي في ذلك بيانُ مواطنِ الخطأ فيه من هؤلاءِ العلماءِ؛ لأنَّ ذلك هو دأبُهم مع غيرِه من الكتبِ التي انتقدوها، حيثُ كانَ لهم تعليقاتٌ وردودٌ على كثيرٍ من الكتبِ، ولم يكنْ في ذلكَ غَضٌّ وانتقاصٌ من الكتابِ المردود عليه، ولا من مؤلِّفِهِ.
ولمَّا كانَ كتابُ (العين) معجماً يسيرُ على الحروفِ، فإنَّ منهجَه في التَّفسيرِ له شَبَهٌ بكتبِ (غريب القرآن) التي تذكرُ اللَّفظَ القرآنيَّ ثمَّ تبينُ معناهُ. وكتبُ معاجم الحروف تفعلُ ذلكَ، حيثُ تذكرُ اللَّفظَ القرآنيَّ، ثمَّ تبينُ معناهُ في لغةِ العربِ، وقدْ تستشهدُ على ذلكَ بأشعارِ العربِ.
ومن صور تفسير ألفاظ القرآن في كتاب (العين)، ما يأتي:
أولاً: بيانُ معنى اللفظةِ القرآنيةِ دونَ ذكر شاهدٍ عليها:
وهذا عليه أغلبُ التَّفسيرِ اللُّغويِّ في كتابِ (العين)، ومنْ ذلكَ:
١ - قولُه:«والمُهْطِعُ: المقبلُ ببصرِهِ على الشيءِ لا يرفعُهُ عنه، قال اللهُ عزّ وجل:{مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُوسِهِمْ}[إبراهيم: ٤٣]»(١).
٢ - وقال: «الجَنَفُ: الميلُ في الكلامِ وفي الأمورِ كلِّها، تقولُ: جَنَفَ فلانٌ علينا، وأجنفَ في حكمِهِ، وهو شبيهٌ بالحَيفِ، إلاَّ أنَّ الحيفَ من الحاكمِ خاصَّةً، والجَنَفُ عامٌّ، ومنه قولُ الله عزّ وجل: {فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ
(١) كتاب العين (١:١٠١)، وينظر: (١:١٣٧، ١١٩، ١٤٠، ١٤٦، ٢٠٥، ٢١٥، ٢٩٨، ٣٠٥)، (٢:١٧، ٢٩، ١٠٥)، (٣:٥٣، ٥٩)، (٧:٦، ٧، ٢٩، ٤٤، ٥٣)، وغيرها كثيرٌ.