* ظهرتْ كتبُ الوجوهِ والنَّظائرِ في القرنِ الثاني الذي بدأ فيه تدوينُ كتبِ اللُّغةِ التي تناولت مدلول ألفاظِ العربِ، وكان بروزها على يد مفسِّري أتباعِ التَّابعين من السَّلفِ: مقاتلِ بن سليمانَ (ت:١٥٠)، والحسينِ بنِ واقدٍ (ت:١٥٩)، وهارونَ الأعورَ (ت:١٧٠)، ويحيى بنِ سلامٍ (ت:٢٠٠)، وكانوا بهذا قد سبقوا اللُّغويِّين الذين لم يظهرْ علمُ الوجوهِ والنَّظائرِ في كتابتهم إلاَّ عند ابنِ قتيبةَ (ت:٢٧٦) في كتابه تأويلِ مشكلِ القرآنِ، تحت عنوان:(اللفظ الواحد للمعاني المختلفة).
ثُمَّ ظهرَ عند المبردِّ (ت:٢٨٥) في كتابِه: ما اتفقَ لفظُه واختلفَ معناه في القرآنِ المجيدِ، وهو مع صِغَرِ حجمِه لم يكنْ خالصاً لهذا الموضوعِ، بل شملَ موضوعاتٍ أخرى.
ثُمَّ برزَ في أمثلةٍ كثيرةٍ عندَ ابنِ عُزَيزٍ السِّجستانيِّ (ت:٣٣٠)، ثمَّ كتب فيه ابنُ فارسٍ (ت:٣٩٥) كتاباً أسمَاه: الأفراد (١).
وكانَ من الممكنِ أن يستفيدَ اللُّغويونَ من كتب الوجوهِ والنَّظائرِ في معرفةِ مدلولِ الألفاظِ العربيَّةِ التي وردتْ في القرآنِ كما استفادوا من كتب غريبِ القرآنِ والحديثِ ومعاني القرآنِ، غيرَ أنَّ هذا لم يقعْ في كتبِ المعاجمِ اللغويةِ، حيث لم تتمَّ الاستفادةُ مما كتبه أتباع التَّابعين في هذا العلم.
(١) هذه الكتابة لابن فارس جاءت في رسالة صغيرة، وقد طُبعت أخيراً عن نسخة فريدة، اطَّلعت عليها أثناء تصحيح الكتاب، ينظر: مجلة الحكمة (محرم ١٤٢٢، ع٢٢، ص١٣٣ - ١٣٩). وقد نقلها الزركشي في كتابه البرهان في علوم القرآن (١:١٠٥ - ١١٠).