للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١ - مخالفة المصطلحات الشرعيَّة:

جاءَ الشَّرْعُ بمصطلحاتٍ جديدةٍ على العربِ، وإنْ كانَ أصلُ اللَّفظِ لا يزالُ باقياً في المصطلحِ، وإنَّما زادَ الشَّرعُ عليه بعضَ الضَّوابطِ، فخرجَ بذلكَ عنْ كونِه حقيقةً لغويةً، إلى كونِهِ مصطلحاً شرعيّاً.

وقد كتبَ في هذا الموضوعِ بعضُ علماءِ اللُّغةِ؛ كابنِ قتيبةَ (ت:٢٧٦) في أوَّلِ كتابِه: غريبِ القرآنِ، وأبي حاتم الرازي (ت:٣٢٢) (١) في كتابهِ: الزِّينةِ في الكلماتِ الإسلاميَّةِ، وابنِ فارسٍ (ت:٣٩٥) في كتابهِ: الصَّاحبي في فقهِ اللُّغةِ (٢).

كما كتبَ فيه علماءُ أصولِ الفقهِ (٣) والعقائدِ (٤) تحت مسمَّى (الحقيقةِ الشرعيةِ)، ونشأ عنْ ذلك قاعدةٌ في ما لو تجاذبَ اللفظَ الحقيقةُ اللُّغويَّةُ والحقيقةُ الشَّرعيَّةُ، أيُّهما يقدَّمُ؟

وكانتِ القاعدةُ: أنَّ الحقيقةَ الشَّرعيَّةَ مقدَّمةٌ على الحقيقةِ اللُّغويَّةِ، لأنَّ الشَّارع مَعْنِيٌّ ببيانِها لا ببيان اللُّغاتِ.

والمقصودُ أنَّ الأصلَ في ما جاءَ منَ الأسماءِ الشَّرعيَّةِ في القرآنِ: أنْ يفسَّرَ على مصطلحِ الشَّرعِ، وإن فُسِّرَ على اللُّغةِ فقطْ، كانَ ذلكَ قصوراً وإخراجاً للَّفظِ عن مفهومِهِ الشَّرعيِّ.


(١) أحمد بن حمدان، أبو حاتم الرَّازي، الإسماعيلي، قال ابن حجر: «كان من أهلِ الفضل والأدبِ والمعرفةِ باللغةِ، وسمع الحديث كثيراً، وله تصانيف، ثمَّ أظهر القول بالإلحادِ، وصار من دعاة الإسماعيليةِ، وأضلَّ جماعة من الأكابر، ومات سنة (٣٢٢)». لسان الميزان (١:١٦٤).
(٢) ينظر: الصاحبي في فقه اللغة، تحقيق: السيد أحمد صقر (ص:٧٨ - ٨٦).
(٣) ينظر على سبيل المثال: البحر المحيط في أصول الفقه، لبدر الدين الزركشي، تحقيق: عبد القادر العاني (٢:١٥٤ - ١٧٠).
(٤) ينظر على سبيل المثال: كتاب مسائل الإيمان، للقاضي أبي يعلى الحنبلي، تحقيق: سعود الخلف (ص:١٥٢)، وما بعدها.

<<  <   >  >>