للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خامساً الاختلاف بسبب المعنى القريب المتبادر للذهن والمعنى البعيد لِلَّفظِ

إذا كان للفظِ مدلولانِ، أحدهما قريبٌ متبادرٌ للذِّهنِ، والآخرُ بعيدٌ، وسمعْتَ متكلِّماً يتكلَّم بهذا اللَّفظِ، فإنَّ الغالبَ أن يتبادرَ إلى ذهنِكَ المعنى الظَّاهِرُ القريبُ، دون المعنى البعيدِ الذي لا يُوصَلُ إليه إلاَّ بتقليبِ النَّظرِ في المعاني المحتملةِ.

فلو قالَ قائلٌ: اهْجُرْ فلاناً، لذهبَ الذِّهنُ إلى معنى التَّرْكِ، أي: اتركُهُ وصحبتَهُ، لأنَّ هذه الدِّلالةَ هي المعنى المتبادرُ القريبُ من الذِّهنِ في مدلولِ هذا اللَّفظِ. وقدْ لا يَخْطُرُ ببالِكَ أنَّ المرادَ هاهنا السَّبُ، وهو معنى آخرُ مُحْتَمَلٌ في دلالةِ هذا اللَّفظِ.

والتَّفريقُ بينَ المعنى القريبِ والمعنى البعيدِ يمكنُ أنْ تكونَ كثرةُ الاستعمالِ هي المرجعَ في معرفتِهِ، فكثرةُ استعمالِ العربِ لهذا اللَّفظِ في هذا المعنى دونَ ذاكَ يجعلُه أقربُ إلى الذِّهْنِ مِنْ غيرِه عندَ وُرُودِ الاحتمالِ عليه في سياقٍ مِنْ سِياقاتِ الكلامِ.

وقدْ وَرَدَتْ ألفاظٌ في القرآنِ حملَها المفسِّرونَ على معانٍ محتملةٍ فيها، غيرَ أنَّ بعضَها يكونُ أقربَ إلى الذِّهنِ مِنْ بعضٍ، لشهرتِه وكثرة استعمالِه في أحدِ معاني اللفظِ.

ومِنْ هذه الأمثلةِ التي وقعَ خلافٌ فيها بينَ المُتَأَوِّلينَ لكتابِ الله، ما يأتي:

<<  <   >  >>