للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [آل عمران: ١٠٧] قوله: «فإن قيلَ: هل يجوزُ أن يكونَ التَّقديرُ: ففي ثواب رحمة اللهِ هم فيها خالدونَ، فحذفَ كما حذفَ {اسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [يوسف: ٨٢].

الجواب: لا، من قِبَلِ أنَّ الرَّحمةَ هنا: هي ثوابُ اللهِ للمطيعينَ، وإذا صحَّ الكلامُ من غيرِ حذفٍ، لمْ يَجُزْ أنْ نُقدِّرَ على الحذفِ؛ لاستغنائه عن المحذوفِ، وتمامِه على صِحَّةِ معناه، وإنما هو غلطٌ ممن قدَّره هذا التقديرَ».

٢ - أسلوبُ التَّغليبِ:

ومن ذلك ما ورد في قوله تعالى: {كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ} [آل عمران: ١١٢]، قال: «ويقال: كيفَ جازَ عقابُهم على ما لم يفعلوه من قتلِ الأنبياءِ ـ صلواتُ الله عليهم ـ وإنما فعله أسلافُهم دونهم؟

الجوابُ: فيه وجهانِ:

الأولُ: أن يكونَ العقابُ إنما هو على رضاهم بذلك، إلاَّ أنَّه أجرى عليهم صفةَ القتلِ لِعِظَمِ الجُرمِ في رضاهُم به، فكأنهم قد فعلوه، على نحو {يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ} [القصص: ٤]، وإنما أمرَ به.

الثاني: أن تكونَ الصِّفةُ تعمُّ الجميعَ، فدخلوا في الجملةِ، وتُجرى عليهم الصِّفةُ على التَّغليبِ، كما تُغلِّبُ المذكَّرَ على المؤنَّثِ، وكذلكَ تُغلِّبُ القاتلَ على الرَّاضي» (١).

أثر المعتقد في التَّفسير اللُّغويِّ عند الرُّمَّانيِّ:

لقد نصَّ من ترجمَ للرُّمَّانيِّ على أنَّه معتزليٌّ، وقد كانَ كذلكَ كما هو ظاهرٌ من كتابِه (الجامعِ لعلمِ القرآنِ)، وفي هذا الجزءِ المخطوطِ ذكرَ مسائلَ من معتقداتِه الاعتزاليَّةِ؛ كالمنْزلةِ بين المنْزلتينِ (٢)، والأمرِ بالمعروفِ والنهي


(١) ينظر مثالاً آخر في تفسير الآيةِ (١٠٩) من سورة آل عمران.
(٢) ينظر: تفسير الآية (١٠٦، ١٠٧) من سورة آل عمران.

<<  <   >  >>