للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثانياً لِمَاذَا كَتَبَ اللُّغَوِيُّونَ فِي مَعَانِي الْقُرْآنِ؟

لمَّا كانَ القرآنُ كتَاباً مقدَّساً؛ لكونِه كلامَ اللهِ، فإنَّهُ قدْ صارَ له أكبرُ الأثرِ على دارسي العلومِ الإسلاميَّةِ منْ شَرعيِّينَ، ولغويِّينَ، ونحاةٍ، وأدباءَ، وبلغاءَ، وغيرهم.

ولقدْ كانَ الاتصالُ بالقرآنِ شرفاً يتقربُ بهِ العلماءُ، ويحرصونَ عليه، حتى قالَ سفيانُ الثَّوري (ت:١٦١): «يا ليتني اقتصرت على القرآن» (١). ولا غَرْوَ أنْ يحرصَ علماءُ اللُّغةِ على ذلكَ. غيرَ أنَّ هذا سببٌ عامٌّ عندَ العلماءِ، لا يكادُ يَنْفَكُّ عنه أحدٌ منهم.

وإذا بحثتَ عن كتابةِ اللغويِّينَ في معاني القرآنِ، فإنكَ ستجدُ أسباباً عامَّةً وأسباباً خاصَّةً، منها:

السببُ الأولُ: التَّخصُّصُ العلميُّ:

لقدْ كان للتخصُّصِ العلميِّ في علومِ العربيَّةِ أثرٌ كبيرٌ في إيجادِ كتبِ معاني القرآنِ، وبالنَّظرِ إلى الطَّرحِ اللُّغويِّ في كتبهم تَشْعُرُ أنَّهم يريدونَ ملءَ فراغٍ في بحوثٍ لا تجدها عند مفسِّريِّ السَّلفِ (٢)، فخاضوا غمارَ البحثِ القرآنيِّ من منظورٍ لغويٍّ.


(١) العلل ومعرفة الرجال، لعبد الله بن أحمد بن حنبل (١:٤٦٩).
(٢) مما يحسن التنبيه عليه ـ وقد سبق ـ: اختلاف منهج اللغويين عن السلف في البحث القرآني، فاللغويون: أصل بحثهم في اللغة، أما المفسرون فأصل بحثهم في القرآن، ولذا فالنظر اللغوي أسبق عند اللغويين، أما السلف فكان نظرهم إلى المعنى أسبق.

<<  <   >  >>