للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رابعاً الاختلاف بسبب أصل اللَّفظ واشتقاقه

الاشتقاقُ: أَخْذُ صِيغَةٍ مِنْ أخرى مع اتفاقِهما معنًى، ومادةً أصليةً، وهيئةَ تركيب لها؛ ليُدلَّ بالثانيةِ على معنى الأصلِ، بزيادةٍ مفيدةٍ؛ لأجلها اختلفا حروفاً أو هيئةً؛ كضاربِ من ضَرَبَ، وحَذِرٌ من حَذِرَ، وهذا هو الاشتقاقُ الأصْغَرُ (١)، وهو المقصود هنا.

والاشتقاقُ عَوْدٌ باللَّفظِ إلى أصلِه لِيُنْبِئَ عن معناه. وبما أنه مفيدٌ في معرفةِ أصلِ الكلمةِ، فإنه يفيدُ كذلك في معرفةِ خطأ بعضِ التَّفاسيرِ الشَّاذَّةِ التي خرجَ بها قائلوها عن المعنى المعروفِ بسببِ دعوى باطلةٍ، ومن ذلك:

١ - ما وردَ عن بعضِهم في تفسيرِ قولِ الله تعالى: {يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ} [الإسراء: ٧١] بأنَّ إماماً: جمعُ أُمٍّ.

قالَ الزَمَخْشَرِيُّ (ت:٥٣٨): «ومِنْ بِدَعِ التَّفاسِيرِ أنَّ الإمامَ جمعُ أُمٍّ، وأنَّ الناسَ يُدعونَ يومَ القيامةِ بأمهاتِهم، وأنَّ الحكمةَ في الدعاءِ بالأمهاتِ دونَ الآباءِ رعايةُ حَقِّ عيسى عليه السلام، وإظهارُ شَرَفِ الحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ، وأنْ لاَ يَفْتَضِحَ أولادُ الزِّنَى. وليتَ شِعْرِي، أيُّهما أبدعُ: أصِحَّةُ لفظِهِ، أمْ بَهَاءُ حِكْمَتِهِ!» (٢).


(١) ينظر: المزهر، للسيوطي (١:٣٤٦ - ٣٤٧)، وينظر غيره من التعريفات في: الكليات، للكفوي، تحقيق: عدنان درويش ومحمد المصري (ص:١١٧)، والعلم الخفاق في علم الاشتقاق، محمد صديق خان، تحقيق: نذير محمد مكتبي (ص:٦٥ - ٧٦).
(٢) الكشاف، للزمخشري، ط: دار المعرفة (٢:٤٥٩). وقد جعله الكرماني في كتابه: =

<<  <   >  >>