للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كُلِّيَّات الألفاظِ القرآنيَّة:

المرادُ بكلِّيَّات الألفاظِ القرآنيَّةِ = ما يُصَدِّرُ به المفسِّرونَ تفسيرَ بعضِ الألفاظِ بقولِهم: كُلُّ ما في القرآنِ من كذا، فهو كذا، وهذا هو الغالبُ في التَّعبيرِ عن كليَّاتِ القرآنِ، وقد يردُ التَّعبيرُ عنها بغير لفظِ «كل»، مثل: ما ورد في القرآن من كذا، فهو كذا، ولهم في ذكرِها طريقتان:

الأولى: أنْ ينُصُّوا على انخرامِ الكُلِّيَّةِ في اللَّفظِ المفسَّرِ، ومثالُ ذلك ما قاله ابن فارس (ت:٦٩٥): «ما في القرآنِ من ذِكْرِ البعلِ فهو الزوجُ؛ كقوله تعالى: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ} [البقرة: ٢٢٨]، إلا حرفاً واحداً في الصَّافَّاتِ: {أَتَدْعُونَ بَعْلاً} [الصافات: ١٢٥]، فإنه أراد صنماً» (١).

وبتأملِ هذا النوعِ من الكلياتِ يظهرُ أنه مندرجٌ في الوجوهِ والنَّظائرِ، غيرَ أنه هاهنا لا يكونُ لِلَّفظةِ إلا معنيانِ، أحدُهما هو المطَّرِدُ في مواضعِ اللَّفظةِ من القرآنِ، والآخرُ يكونُ في موضعٍ أو موضعينِ. وعندَ حكايةِ ما ذكرَهُ ابنُ فارسٍ (ت:٣٩٥) على أسلوبِ الوجوهِ والنظائرِ، فإنه يكونُ كالآتي:

البعل، له في القرآنِ وجهان:

الأولُ: الزَّوجُ، ومنه قولُه تعالى: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ} [البقرة: ٢٢٨]، ونظيرُها قولُهُ تعالى: {وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا} [هود: ٧٢]، ونحوُها.

الثاني: صنمٌ، وهو قولُه تعالى: {أَتَدْعُونَ بَعْلاً} [الصافات: ١٢٥]؛ أيْ: صنماً.

وعلى هذا الأسلوب، صار لِلَفظِ البعلِ وجهانِ، وللوجه الأولِ نظائرٌ، وهذا الأسلوبُ في الكليَّةِ المنخرمةِ غيرُ موجودٍ عند السَّلفِ، بل هو موجودٌ عندهم على أسلوب الوجوه والنَّظائر.

الثانية: أن لا ينصوا على انخرامِ الكليةِ، وهذا يحتاجُ إلى تتبع معنى اللَّفظةِ في كلِّ القرآن، وأن تكون بمعنىً واحدٍ في كلِّ هذه المواضع، فإذا كانت كذلك، فإنها تكون كلِّيةً تامَّةً غيرَ مُنْخَرِمَةٍ، ويمكنُ أنْ يصبحَ هذا


(١) البرهان في علوم القرآن، للزركشي (١: ١٠٥).

<<  <   >  >>