للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

* أشارَ الطبريُّ (ت:٣١٠) إلى الاحتجاجِ بتفسيرِ الصَّحابيِّ في اللُّغةِ عند قولِه تعالى: {أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [الإسراء: ٧٨] لما ذَكَرَ تفسيرَ ابن مسعود، أنَّه قالَ حينَ غربتِ الشَّمسُ: دَلَكتْ بَرَاحِ (١).

قال الطبريُّ (ت:٣١٠): «وقد ذكرتُ في الخبرِ الذي رويتُ عن عبد الله بنِ مسعودٍ أنه قال حين غربتِ الشَّمسُ: دلكتْ بَرَاحِ؛ يعني: بَرَاحِ، مكاناً.

ولستُ أدري هذا التَّفسيرَ؛ أعني قوله: بَرَاحِ مكاناً، مِنْ كلامِ مَنْ هو ممنْ في الإسنادِ، أو مِنْ كلامِ عبدِ الله، فإنْ يكنْ منْ كلامِ عبدِ اللهِ، فلا شكَّ أنَّه كانَ أعلمَ منْ أهلِ الغريبِ الذينَ ذكرتُ قولَهم (٢). وأنَّ الصَّوابَ في ذلكَ قولُه دونَ قولِهم، وإنْ لم يكنْ منْ كلامِ عبدِ اللهِ، فإنَّ أهلَ العربيَّةِ كانوا أعلمَ بذلكَ منه (٣) ...» (٤).

فابنُ مسعودٍ (ت:٣٥) جعلَ تفسيرَ الشَّمسِ: بَرَاحِ، على أنَّه منْ أسمائها، وهذا التفسيرُ يلزمُ قَبُولُهُ منْ حيثُ اللُّغة؛ أيْ أنَّ منْ أسماءِ الشَّمسِ: بَرَاحِ، على وَزْنِ قَطَامِ، لورودِهِ عنِ ابنِ مسعودٍ (ت:٣٥).

* وقال ابن العربيِّ (ت:٥٤٣): «قال الفراءُ: معنى قوله: {فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ


(١) ينظر: تفسير الطبري، ط: الحلبي (١٥:١٣٤)، وقد ورد روايةٌ قبلها عن ابن عباس، قال: دلوك الشمس: غروبها، يقول: دلكت براح، وكذا ورد عن أبي وائل شفيق بن سلمة، كما في غريب الحديث، لأبي عبيد، تحقيق: حسين محمد شرف (٥:٤١٢).
(٢) تفسير الطبري، ط: الحلبي (١٥:١٣٦)، وقد ذكر عن أبي عبيدة والأصمعي وأبي عمرو الشيباني أنها: بِرَاحِ، واستدلوا بقول الشاعر:
هذا مَقَامُ قَدَمَيْ رَبَاحِ
غُدْوَةً، حَتَى دَلَكَتْ بِرَاحَ
وقرؤوها بكسر الباء؛ يعني: أن الناظر يضع كفه؛ أي: راحته، على حاجبه من شعاع الشمس.
(٣) يظهر أيضاً أنه لو كان من كلام الأسود الذي روى الخبر عن ابن مسعود، لكان حجة كذلك؛ لأنَّ الأسود بن يزيد النخعي، عربي، وتوفي سنة (٧٥)، فهو متقدِّم في الوفاة، وهو في عصر من يُحْتَجُّ بكلامهم، والله أعلم.
(٤) تفسير الطبري، ط: الحلبي (١٥:١٣٧).

<<  <   >  >>