للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [البقرة: ١٥٨] (١)؛ معناه: أنَّ يطوفَ، وحرف (لا) زائدٌ (٢).

وهذا ضعيفٌ من وجهين:

أحدُهما: أنَّا قد بيَّنا في مواضع أنَّه يبعدُ أن تكون (لا) زائدةٌ.

الثاني: أنَّ لا لغويٌّ ولا فقيهٌ يعادِلُ عائشةَ رضي الله عنها، وقد قرَّرتها غيرَ زائدةٍ، وقد بيَّنت معناها (٣)، فلا رأيَ للفراءِ ولا لغيره» (٤).

* ومما يستأنسُ به في هذا المقامِ ما وردَ منْ تفسيرِ ابنِ مسعودٍ لقولِه تعالى: {يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ} [الإسراء: ٥٧]، قال: «كان ناس من الإنس يعبدون ناساً من الجِنِّ ...» (٥).

قال ابنُ حَجَر العسقلانيُّ (ت:٨٥٢): «واستشكلَ ابنُ التِّينِ (٦) قولَه: (ناساً من الجِنِّ)، حيثُ إنَّ النَّاسَ ضِدُّ الجِنِّ ... ويا ليتَ شعري، على من يعترضُ!» (٧).

وهذا المنهجُ الذي سَلَكَهُ هؤلاء هو المنهجُ الصَّحيحُ؛ أي أنَّ كلامَ


(١) هذه قراءة ابن عباس وأنس بن مالك وشهر بن حوشب وغيرهم، ينظر: تفسير ابن عطية، ط: قطر (٢:٣٨).
(٢) هذا أحد الأوجه التي ذكرها الفراء في تفسيرِ الآية، ينظر: معاني القرآن (١:٩٥).
(٣) ذكر ابن العربي قولها قبل هذا التنبيه، وهو أنَّ بعض الصحابة كان يتحرَّج من الطواف بالصفا والمروة، فنَزلت الآية بشأنهم. ينظر: أحكام القرآن (١:٤٦ - ٤٧).
(٤) أحكام القرآن، لابن العربي (١:٤٧ - ٤٨). وينظر إشارته إلى عربيَّة الصحابةِ والتابعينَ، وتقديم قولهم في التفسيرِ اللُّغويِّ (١:١٨٠، ٣٧٧).
(٥) أخرجه البخاري في كتاب التفسير، ينظر: فتح الباري، ط: الريان (٨:٢٤٩).
(٦) عبد الواحد بن التين، أبو محمد الصفاقسي، له شرح مشهور لصحيح البخاري، سماه: «المخبر الصحيح في شرح البخاري الصحيح»، وقد نقل منه ابن حجر في الفتح، وابن رُشيد، توفي سنة (٦١١)، ينظر: نيل الابتهاج بتطريز الديباج (على حاشية الديباج المُذهب (ص:١٨٨)، وشجرة النور الزكية، لمخلوف (١:١٦٨).
(٧) فتح الباري، ط: الريان (٨:٢٤٩).

<<  <   >  >>