للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عودٌ إلى قاعدةِ: إذا ورد أكثر من معنى لغوي صحيح تحتمله الآية بلا تضادٍ، جاز تفسير الآية بها.

سأجعل الحديث في هذه القاعدةِ على قسمين:

الأول: المحتملاتِ اللُّغويَّةِ الواردة عن السَّلفِ.

الثَّاني: المحتملاتِ اللُّغويَّةِ الواردةِ عنِ غير السَّلفِ.

القسمُ الأول: المحتملات اللغوية الواردة عن السلف:

الحديثُ عنِ المحتملاتِ اللُّغويَّةِ الواردةِ عنِ السَّلفِ تابعٌ للقاعدةِ السَّابقةِ قبلَها، وذلكَ أنَّه إذا وردَ عنهم أكثرُ منْ مُحْتَمَلٍ لُغويٍّ في تفسيرِ آيةٍ، فإنَّ الأصلَ قبولُها لغةً، وكذا تفسيراً إنْ لَمْ يمنعْ مانعٌ من قبولِها كلِّها في التَّفسيرِ، كأنْ تكونَ مُتضادَّةً، أو لغيرِ ذلكَ منَ الأسبابِ التي ليسَ هذا مَحَلُّها.

ومنَ الأمثلةِ الواردةِ عنِ السَّلفِ: تفسيرُ قولِه تعالى: {كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لاَ يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً} [التوبة: ٨]، فقدْ ورد عنهم في معنى «الإلِّ» ثلاثةُ أقوالٍ:

الأوَّلُ: اللهُ، وهو قولُ: سعيدِ بنِ جبيرٍ (ت:٩٤) (١)، ومجاهدٍ (ت:١٠٤) (٢)، وأبي مِجْلَز (ت:١٠٦) (٣)، وعكرمة (ت:١٠٥) (٤).

الثَّاني: القَرَابَةُ، وهو قولُ: ابنِ عباسٍ (ت:٦٨) منْ طُرُقٍ عنه (٥)،


(١) بحر العلوم، للسمرقندي (٢:٣٥). وفي تفسير ابن أبي حاتم (٦:١٧٥٨): «وروي عن سعيد بن جبير، قال: إلهاً».
(٢) تفسير الطبري، تحقيق: شاكر (١٤:١٤٦).
(٣) تفسير الطبري، تحقيق: شاكر (١٤:١٤٦)، ومعاني القرآن، للنحاس (٣:١٨٧)، ومعالم التنْزيل، للبغوي (٢:٢٧١).
(٤) الدر المنثور (٤:١٣٤). عن أبي الشيخ وابن المنذر.
(٥) تفسير الطبري، تحقيق: شاكر (١٤:١٤٦، ١٤٧).

<<  <   >  >>