للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فمثلُ هذا قد يجوزُ أنْ يرادَ به كلُّ المعاني التي قالها السَّلفُ، وقدْ لا يجوزُ ذلكَ.

فالأوَّلُ: إمَّا لكونِ الآيةِ نزلتْ مرتينِ، فأريدَ بها هذا تارةً، وهذا تارةً.

وإمَّا لكونِ اللَّفظِ المشتركِ يجوزُ أنْ يُرادَ به معنياه، إذْ قدْ جَوَّزَ ذلكَ أكثرُ فقهاءِ المالكيَّةِ والشَّافعيَّةِ والحنبليَّةِ، وكثيرُ منْ أهلِ الكلامِ.

وإمَّا لكونِ اللَّفظِ متواطئاً، فيكونُ عَامّاً إذا لمْ يكنْ لتخصيصِهِ مُوجِبٌ. فهذا النَّوعُ إذا صَحَّ فيه القولانِ كانَ مِنَ الصِّنفِ الثاني (١)» (٢).

٣ - عندَ تفسيرِه قولَ اللهِ تعالى: {وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ} [الحجر: ١٧] قالَ الشَّنْقيطيُّ (ت:١٣٩٣): «... فقوله رضي الله عنه إلاَّ فهماً يعطيه الله رجلاً في كتابِ اللهِ، يدلُّ على أنَّ فَهْمَ كتابِ اللهِ تتجدَّدُ به العلومُ والمعارفُ التي لم تكنْ عند عامَّةِ الناسِ، ولا مانعَ من حمل الآيةِ على ما حملها المفسِّرونَ، وما ذكرْناه أيضاً أنَّه يُفْهَمُ منها، لِمَا تَقَرَّرَ عندَ العلماءِ مِنْ أنْ الآيةَ إنْ كانتْ تحتملُ معانيَ كلُّها صحيحٌ، تَعَيَّنَ حَمْلُهَا على الجميعِ، كما حَقَّقَه بأدلتِهِ الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ أبو العباسِ بنُ تَيمِيَّةَ رحمه الله في رسالتِهِ في علومِ القرآنِ (٣)» (٤).

٤ - جعلَ الطَّاهِرُ بنُ عاشورَ (ت:١٣٩٣) مقدمةً منْ مقدماتِ تفسيرِهِ خاصَّةً بهذه القاعدة، وعَنْوَنَ لها بقولِه: «المقدِّمَةُ التَّاسِعَةُ: في أنَّ المعاني التي تَتَحَمَّلُها جُمَلُ القرآنِ، تُعْتَبَرُ مُرَادَةً بها» (٥)، وتحدث في هذه المقدمةِ بما يقربُ منْ عَشْرِ صفحاتٍ.


(١) الصنف الثاني: أن يذكر من الاسم العامِّ بعض أنواعه على سبيل التمثيل وتنبيه المستمع على النوع، لا على سبيل الحدِّ المطابق للمحدود في عمومه وخصوصه. ينظر: مقدمة في أصول التفسير، لابن تيمية، تحقيق: عدنان زرزور (ص:٤٣).
(٢) مقدمة في أصول التفسير (ص:٤٩ - ٥١).
(٣) لعلَّه يريد الموضع الذي نقلته عن شيخ الإسلام ابن تيمية، والله أعلم.
(٤) أضواء البيان (٣:١٢٤).
(٥) التحرير والتنوير (١:٩٣)، وقد تحدث عنها حتى (ص:١٠٠).

<<  <   >  >>