للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومثالُ ذلكَ؛ أعني: احتمالَ اللَّفظِ للوجوهِ المتعدِّدَةِ، قولُه تعالى: {فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ} [الواقعة: ٧٥]، قيل: مساقطُ النُّجومِ في المغرب. وقيلَ: إنَّ منه نزولَ القرآنِ؛ لأنه نزلَ في ثلاث وعشرين سنةً، فاللَّفظُ يحتملُ القولينِ، فيجوزُ أنْ يكونَ القَسَمُ بهما مراداً للهِ عزّ وجل؛ لأنهما عَظِيمانِ، لا سيَّمَا على قولِ منْ يقولُ: يجوزُ إرادةُ حقيقةِ اللَّفظ ومجازِهِ جميعاً معاً ...» (١).

٢ - وقالَ ابنُ تَيمِيَّةَ (ت:٧٢٨): «ومنَ التَّنازُعِ الموجودِ عنهم (٢): ما يكونُ اللَّفظُ فيه محتملاً للأمرينِ:

إمَّا لكونِهِ مُشْتَركاً في اللُّغةِ (٣)؛ كلفظِ {قَسْوَرَةٍ} الذي يرادُ به الرامي، ويُرادُ به الأسدَ. ولفظِ {عَسْعَسَ} الذي يرادُ به إقبالُ اللَّيلِ وإدبارهُ.

وإمَّا لكونِه مُتَواطِئاً (٤) في الأصلِ، لكنَّ المرادَ به أحدُ النَّوعينِ، أو أحدُ الشَّخْصينِ؛ كالضَّمائرِ في قولِه تعالى: {ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى *فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى} [النجم: ٨، ٩]، وكلفظِ {الْفَجْرِ}، {وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ}، و {وَلَيَالٍ عَشْرٍ}، وما أشبَهَ ذلكَ.


(١) الإكسير في قواعد التفسير، للطوفي، تحقيق: د. عبد القادر حسين (ص:١٢ - ١٣).
ملاحظةٌ: قد تصرَّفَ محققُ هذا الكتابِ بعنوانه، فجعله: الإكسير في علم التفسير، وقد قال مؤلِّف الكتابِ (ص:١): «وسمَّيتُه: الإكسير في قواعد علم التفسير».
(٢) يعني مفسري السلف.
(٣) المشترك: ما وُضِعَ لمعنيين، أو أكثر؛ كالعين، للعين الباصرة، ولعين الماء، وللجاسوس، وغيرها. ينظر: التعريفات، للجرجاني (ص:٢٢٩)، كشاف اصطلاحات الفنون، للتهانوي، تحقيق: لطفي بديع (٤:١٥٥).
(٤) أن يكون اللفظ موضوعاً لأمر عاماً بين الأفراد على السواء؛ كالإنسان يصدقُ على زيدٍ وعمرو بالتساوي، ولا فرق بينهما في هذه النسبة. ينظر: التعريفات، للجرجاني (ص:٢١٠)، وكشاف اصطلاحات الفنون، للتهانوي، تحقيق: لطفي بديع (٤:١٥٩).

<<  <   >  >>