للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أولاً كلُّ تفسيرٍ لغويٍّ واردٍ عن السَّلفِ يُحكمُ بعربيَّته وهو مقدَّمٌ على قولِ اللُّغويين (١)

ترتبطُ هذه المسألةُ بزمن الاحتجاجِ اللُّغويِّ، ولم أجدْ من أشارَ إلى


(١) كان مجلس الكليَّةِ قد زاد قيداً على هذه القاعدة، وهو: كل تفسيرٍ لغويٍّ ثابت ... ، وبعد البحثِ وجدت أنَّه لا حاجة لهذا القيدِ؛ لأنَّه لم يقع الاحتجاج بما لم يصحَّ عنهم، أمَّا الآثارُ الضَّعيفةُ فأمرُها محتملٌ مقبولٌ في بيانِ اللغةِ، وقد أشارَ إلى ذلك أحدُ أعمدةِ المحقِّقينَ المعاصرين، وهو الأستاذُ محمود شاكر في تعليقه على تفسير الطبري (١: حاشية ص:٤٥٣ - ٤٥٤)، قال: «تبيَّنَ لي مما راجعته من كلامِ الطبري، أنَّ استدلالَ الطبريِّ بهذه الآثارِ التي يرويها بأسانيدها، لا يُراد بها إلاَّ تحقيق معنى لفظٍ، أو بيان سياق عبارة، فهو قد ساق الآثارَ التي رواها بإسنادها ليدلَّ على معنى «خليفة»، و «الخلافة»، وكيف اختلفَ المفسرونَ من الأولين في معنى خليفة، وجعل استدلاله بهذه الآثار، كاستدلال المستدلِّ بالشعر على معنى لفظٍ في كتابِ اللهِ.
وهذا بيِّنٌ في الفقرة التالية للأثر رقم (٦٠٥)، إذ ذكر ما رويَ عن ابن مسعود وابن عباس، وما رويَ عن الحسن في بيان معنى «خليفة»، واستظهر ما يدل عليه كلام كلِّ منهم. ومن أجل هذا الاستدلال لم يبال بما في الإسناد من وهن لا يرتضيه. ودليل ذلك: أن الطبري نفسه قال في إسناد الأثر رقم (٤٦٥) عن ابن مسعود وابن عباس، فيما مضى (ص:٣٥٣): «فإن كان الإسناد صحيحاً، ولست أعلمه صحيحاً، إذ كنت في إسناده مرتاباً ...»، فهو مع ارتيابه في هذا الإسنادِ، قد ساق الأثرَ للدلالة على معنى اللفظِ وحده، فيما فهمه ابن مسعود وابن عباس ـ إن صحَّ عنهما ـ أو فيما فهمه الرواة الأقدمون في معناه. وهذا مذهب لا بأس به في الاستدلال. ومثله أيضاً ما يسوقه من الأخبار والآثار التي لا يشك في ضعفها، أو في كونها من الإسرائيليات، فهو لم يسقها لتكون مهيمنة على تفسير آي التنزيل الكريم، بل يسوق =

<<  <   >  >>