للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثالثاً: أسلوبُ التَّفسير اللَّفظيِّ عند اللُّغويِّين:

وأمَّا أسلوبُ التفسيرِ اللَّفظيِّ، فإنه بارزٌ بروزاً لا يخفى على منْ يقرأُ في كتبِ اللُّغويِّينَ، بل كانَ هذا منْ أصولِ بحثهم في القرآنِ. وقد كانتْ طريقةُ إيرادِهم له كطريقةِ السَّلفِ، وإليك بيانُ ذلك بالأمثلةِ:

الأول: أنْ يُفسِّروا اللَّفظَ، دونَ أنْ يستشهدوا لهذا التَّفسيرِ:

منْ خلالِ ما كتبَهُ اللُّغويُّونَ في هذا، فإنَّه يظهرُ أنه كانَ الأغلبَ على تفسيرِهم اللُّغويِّ، حيث كانوا يُورِدُونَ معنى اللَّفظِ دونَ ذِكْرِ الشَّواهدِ على ذلك، وقد كان هذا الأسلوبُ غالباً على كتبِ غريبِ القرآنِ. ومن أمثلةِ ذلك في كتبِ اللُّغويِّينَ:

١ - في قوله تعالى: {وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا} [الكهف: ٨]، قال الفرَّاءُ (ت:٢٠٧): «وقوله: {صَعِيدًا}؛ الصَّعيدُ: التُّرابُ. والجُرُزُ: أنْ تكونَ الأرضُ لا نباتَ فيها، يقال: جُرِزَتِ الأرضُ، وهي مَجْرُوزَةٌ، وجَرَزَهَا الجرادُ أو الشَّاءُ أو الإبلُ، فَأَكَلْنَ ما عليها» (١).

٢ - وفي تفسير لفظِ المهادِ من قوله تعالى: {وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ} [البقرة: ٢٠٦]، قال أبو عبيدةَ (ت:٢١٠): «الفراش» (٢).

٣ - وفي تفسير لفظِ يؤوده، قال الأخفشُ (ت:٢١٥): «وقال: {وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا} [البقرة: ٢٥٥]؛ لأنه من آدهُ يؤودُه أوْداً، وتفسيرُه: لا يُثْقِلُهُ» (٣).


(١) معاني القرآن، للفراء (٢:١٣٤)، وينظر فيه: مدَّ (ص:٥٨)، الأرحام (ص:٩١)، أربى (ص:١١٣)، باخع (ص:١٣٤)، وغيرها.
(٢) مجاز القرآن، لأبي عبيدة (١:٧١)، وينظر فيه: آسى (ص:٢٢٢)، نمد لهم (ص:٢٢٣)، تستفتحوا، فئتكم، تولوا (ص:٢٤٥)، وغيرها.
(٣) معاني القرآن، للأخفش (١:١٩٦)، وينظر فيه: فصرهنَّ (ص:١٩٩)، أحسَّ (ص:٢٢١)، ودَّوا (ص:٢٣٢)، تُصعدون (ص:٢٣٦)، يغل (ص:٢٣٩)، نفقاً (ص:٢٩٨)، وغيرها.

<<  <   >  >>