للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٧٨]؛ أي: ضيقٍ، و {يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا} [الأنعام: ١٢٥]، و {حَرِجَا} (١). ومنه الحَرَجَةُ، وهي: الشَّجرُ المُلْتَفُّ» (٢).

أمَّا كتابُ المبرد (ت:٢٨٥): (ما اتفقَ لفظُه: واختلفَ معناه من القرآنِ المجيدِ)، فإنَّ عنوانَه يوحي بعلاقتِه بعلمِ الوجوه والنَّظائرِ، إلا أنَّه لم يقتصرْ فيه على هذا العلمِ، بل حَوَى ـ مع صِغَرِ حجمِهِ ـ موضوعات أخرى؛ كالحذفِ، والاختصارِ، والتَّحويلِ في القرآنِ وكلامِ العربِ، ومما ذكره في هذا الموضوع، قوله: «فمما اتفقَ لفظهُ واختلفَ معناه، قوله تعالى: {إِلاَّ أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ} [البقرة: ٧٨]، هذا لِمَنْ شكَّ، ثُمَّ قالَ: {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاَقُو رَبِّهِمْ} [البقرة: ٤٦]، فهذا يقين؛ لأنهم لو لم يكونوا مُستيقنينَ، لكانوا ضُلاَّلاً شُكَّاكاً في توحيد الله تعالى.

ومثلُه في اليقينِ قولُ المؤمنِ: {إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاَقٍ حِسَابِيَهْ} [الحاقة: ٢٠]؛ أي: أيقنتُ. ومثلُه قوله تعالى: {فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا} [الكهف: ٥٣]؛ أي: أيقنوا ...» (٣).

والمنثورُ من هذا العلمِ في كتبِ اللُّغويِّينَ ليسَ كثيراً إذا ما قِيسَ بما كتبَهُ أتباعُ التَّابعينَ، وقد كان أكثرُ اللُّغويِّينَ اهتماماً به ـ بعد ابن قتيبة (ت:٢٧٦) ـ ابنُ عُزَيزٍ السِّجِسْتَانِيُّ (ت:٣٣٠) (٤) في كتابِه: غريبِ القرآنِ، كما سيأتي في الحديث عنه (٥).


(١) قرأ نافع وأبو بكر عن عاصم بكسر الراء، وقرأ الباقون بفتح الراء، ينظر: القراءات وعلل النحويين فيها، للأزهري (١:٢٠١).
(٢) تأويلُ مشكل القرآن (ص:٤٨٤).
(٣) ما اتفق لفظه واختلف معناه في القرآن المجيد، للمبرد، تحقيق: أحمد محمد سليمان أبو رعد (ص:٥٣).
(٤) محمد بن عُزيز، أبو بكر السجستاني، اللغوي، اختُلِفَ في اسم أبيه، صنف كتابه في غريب القرآن في خمسة عشر سنة، وقرأه على ابن الأنباري، توفي سنة (٣٣٠). ينظر؛ نزهة الألباء (ص:٢٣١ - ٢٣٢)، وبغية الوعاة (١:١٧١ - ١٧٢).
(٥) ينظر في هذا البحث: مصادر التفسير (كتب غريب القرآن).

<<  <   >  >>