للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسألة الثالثة

في الاعتمادِ على اللُّغةِ

برز من خلال الأمثلةِ التي ذكرتُها عنِ السَّلفِ واللُّغويِّينَ أنَّ اللُّغةَ العربيَّةَ مصدرٌ أصيلٌ، وأنَّه لا بدَّ من الاعتمادِ عليها، شعراً كانَتْ أم نثراً.

ويظهرُ أنَّ اللُّغة من أوسعِ المصادرِ التي كان يعتمدُ عليها الفريقانِ، وذلك ظاهرٌ بتتبُّع تفاسيرِهم.

ولقد كان في عملِ مُفَسِّري السَّلفِ من الصَّحابةِ والتَّابعينَ وأتباعِهم بالأخذِ بلغةِ العربِ في التَّفسيرِ = إجماعٌ فِعْلِيٌّ منهم (١)، وهذا العملُ حُجَّةٌ في صحَّةِ الاستدلالِ للتَّفسيرِ بشيءٍ من كلامِ العربِ: نثرِه وشعرِه.

وإنْ لمْ يُقَلْ بالأخذِ بلغةِ العربِ في التَّفسيرِ، فكيفَ سَيُفَسَّرُ القرآنُ دونَ الرجوعِ إليها؟!

وقدْ نَصَّ أبو عبيدٍ القاسمُ بنُ سلامٍ (ت:٢٢٤) على الاحتجاجِ بلغةِ العربِ في التَّفسيرِ عند تعليقِه على أثرِ أبي وائلٍ شقيقِ بن سَلَمَةَ (٢) في تفسيرِه دلوك الشَّمسِ، قال أبو وائل: «دُلُوكُهَا: غُرُوبُهَا. قال: وهو في كلام العرب:


(١) حكى صاحب كتاب «المباني في نظم المعاني» إجماع الصحابة على تفسير القرآن على شرائط اللغة. ينظر: مقدمتان في علوم القرآن، تحقيق: آرثر جفري (ص٢٠).
(٢) شقيق بن سلمة، أبو وائل الأسدي، الكوفي، أدرك النبي صلّى الله عليه وسلّم، ولم يره، روى عن جمع من الصحابة؛ كسعد بن أبي وقاص وابن مسعود وغيرهم، وروى عنه سعيد بن مسروق الثوري والأعمش وغيرهما، وهو ثقة، توفي سنة (٨٢)، وقيل غيرها. ينظر: تهذيب الكمال (٣:٤٠٤)، وتقريب التهذيب (ص:٤٣٩).

<<  <   >  >>