للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يظُنُّ منَ الكفَّارِ أنَّ اللهَ لا ينصرُ محمَّداً حتى يُظهِرَهُ على المِلَلِ كلِّها فَلْيَمُتْ غيظاً، وهو تفسيرُ قولِه: {فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ}.

والسببُ: الحبلُ يَشُدُّه المختنقُ إلى سقفِ بيته.

وسماءُ كلِّ شيءٍ: سقفُهُ.

{ثُمَّ لْيَقْطَعْ}؛ أي: ليَمُدَّ الحبلَ مشدوداً، يوتِّره حتى يقطعَ حياتَهُ ونَفَسَهُ خنقاً.

وقال الفرَّاءُ: أرادَ: ثمَّ ليجعل في سماءِ بيته حبلاً، ثمَّ ليختنق به، فذلك قوله: {ثُمَّ لْيَقْطَعْ} اختناقاً.

قال: وفي قراءةِ عبد اللهِ (١): ثُمَّ لِيَقْطَعْهُ، يعني: السبب، وهو الحبلُ المشدودُ في عنقِهِ (٢)، حتى تنقطِعَ نفسُهُ، فيموتَ» (٣).

في هذا المثالِ بين الأزهريُّ (ت:٣٧٠) معاني المفرداتِ، وبيَّنَ معها المعنى المرادَ بالآيةِ.

٦ - كما أنه قدْ يتعرَّضُ لبعضِ المشكلاتِ الواردةِ في التَّفسيرِ، ويجتهدُ في بيانِ المعنى المرادِ، وحَلِّ ما أشكلَ من معاني بعضِ الآياتِ، ومنْ ذلكَ قولُهُ: «وقالَ أبو حاتم (٤): قالوا: قبلُ وبعدُ منَ الأضدادِ. وقالَ في قولِ اللهِ تعالى: {وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا} [النازعات: ٣٠]؛ أي: قبلَ ذلك (٥).

قلتُ: والذي حكاه أبو حاتم عمَّنْ قاله خطأٌ. قبلُ وبعدُ كلُّ واحدٍ منهما نقيضُ صاحبِهِ، فلا يكونُ أحدُهُما بمعنى صاحبِهِ، وهو كلامٌ فاسدٌ.


(١) هو عبد الله بن مسعود، معلم الكوفة، ورواية قراءته كثيرة في كتاب الفراء.
(٢) ينظر قول الفراء في معاني القرآن (٢:٢١٨).
(٣) تهذيب اللغة (١:١٨٨).
(٤) هو أبو حاتم السجستاني.
(٥) ينظر قول أبي حاتم في كتابه الأضداد، تحقيق: محمد عودة (ص:١٦٧).

<<  <   >  >>