للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يعرفُهُ أحدٌ منَ العربِ ولا أهلِ اللُّغةِ، ولا يُعرفُ استعمالُه في لغةِ القومِ في هذا المعنى في موضعٍ واحدٍ أصلاً، وإنَّما هو اصطلاحُ الجَهْمِيَّةِ، والفَلاَسِفَةِ، والمُعْتَزِلَةِ، ومن وافقَهم ...» (١).

ومنْ ثَمَّ، فكلُّ تفسيرٍ ليسَ له أصلٌ في لغةِ العربِ فهو مردودٌ، وهذا الضابطُ يَرُدُّ كثيراً من التفاسيرِ المبنيَّةِ على المصطلحاتِ الحادثةِ، أيًّا كانتْ، وممنْ كانتْ؛ كتفاسيرِ الرافضةِ، وتفاسيرِ الصوفيَّةِ، وتفاسيرِ الباطِنَّيةِ (٢)، وتفاسيرِ الفلاسفةِ، والتفاسيرِ المبنيَّة على العلمِ التجريبيِّ العصريِّ، أو ما يُسمَّى ـ مغالطةً ـ بالتَّفسيرِ العصريِّ، وغيرها.

وقدْ يكونُ شيءٌ من هذه المصطلحاتِ منْ مصطلحاتِ الأممِ غيرِ الإسلاميَّةِ، فيجتهِدُ الَّذي يتناولُ تفسيرَ الآياتِ في التوفيقِ بينَ ما جاءَ في القرآن، وما جاءَ عند هؤلاءِ الأقوامِ، وكثيراً ما يقعُ هذا عند الفلاسفةِ الَّذين عاشوا في ظلِّ الإسلامِ (٣).


(١) الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة، لابن القيم، تحقيق: د. علي الدخيل الله (١:١٨٩ - ١٩١). وينظر: تفسير المنار (١:١٩ - ٢٠)، ففيه كلام عن هذا الموضوع.
(٢) مضى ذكرُ مثالٍ في المبحث الثاني من الفصل الأول من الباب الأول.
(٣) من الفلاسفة الَّذين كتبوا في التوفيق بين الشريعة والفلسفة: ابن سينا والفارابي وإخوان الصَّفا، وابن رشد، في كتابه (فصل المقال فيما بين الحكمة والشريعة من الاتصال).
كما وقع للغزالي مثل ذلك في بعض كتبه؛ ككتاب جواهر القرآن، ومشكاة الأنوار.
وقد كان لهؤلاء محاولات في التوفيق بين الشريعة والفلسفة، فحملوا ألفاظها على ما جاء في فلسفاتِ اليونانِ، فحرَّفوا بذلك الدينَ، وجعلوا ما يصدرُ من أولئك من الكفرِ البواحِ موافقاً لما جاءَ في الشريعة الإسلامية، وقد ناقشهم بعضُ الأعلامِ؛ كشيخ الإسلام ابن تيمية، في مواطن كثيرة من كتبه؛ ككتاب: درء تعارض العقلِ والنقل، وكتاب بغية المرتاد في الرد على المتفلسفة والقرامطة والباطنية أهل الإلحاد من القائلين بالحلول والاتحاد، وغيرها. واللهُ المستعانُ.

<<  <   >  >>