للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[هود: ٩٢]، قال ابن قتيبة (ت:٢٧٦): «أي: لم تلتفتوا إلى ما جئتكم به عنه، تقولُ العربُ: جعلتني ظِهريًّا، وجعلتَ حاجتي منك بظهرٍ: إذا أعرضتَ عنه وعن حاجته» (١).

الثاني: أن ينصُّوا على لغة القبيلة التي نزل بها القرآن، وهذا من أقلِّ ما ورد عنهم في التَّفسيرِ اللُّغويِّ. ومن الأمثلة على ذلك:

١ - قال الفرَّاءُ (ت:٢٠٧): «وقوله: {أَوَّاهٌ} [هود: ٧٥] دعَّاءٌ، ويقالُ: هو الذي يتأوَّهُ من الذُّنوبِ، فإذا كانت مِن: يتأوَّهُ من الذُّنوبِ، فهي من: أوِّهْ له، وهي لغةُ بني عَامِرٍ (٢) ...» (٣).

٢ - وفي تفسيرِ قوله تعالى: {فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ} [الأنفال: ٥٧]، قال ابن قتيبة (ت:٢٧٦): «أي: افعلْ بهم فعلاً منَ العقوبةِ والتنكيلِ يتفرقُ به من وراءهم من أعدائك. ويقالُ: شرِّدْ بهم: سَمِّعْ بهم، لغةُ قريشٍ ...» (٤).

وأخيراً، فإن غالب اللُّغويِّين والمفسِّرين الذين جاؤوا بعد هؤلاءِ لم يضيفوا جديداً على الأسلوبِ التَّفسيريِّ اللُّغويِّ، بل اعتمدوا ما ورد عن أعلامِ المفسِّرين واللُّغويِّينَ في هذه الفترةِ، وإن كانَ ثَمَّت زيادةٌ، فإنها في الأوجه التَّفسيريَّةِ للمفرداتِ أو الأساليبِ، والله أعلم.


(١) غريب القرآن، لابن قتيبة (ص:٢٠٩)، وينظر (ص:١٣١، ١٧٢، ٢٠٩، ٢٦٦، ٣٠٨، ٣١٧، ٣٢٩، ٣٤٨، ٣٥٦، ٣٧٠، ٣٧٧، ٣٩١، ٣٩٨، ٤٢٧، ٥٣٣).
(٢) يطلق بنو عامر على جمهرةٍ من العربِ، منهم: بنو عامر بن ربيعة، وبنو عامر بن ضبة، وبنو عامر من عبد القيس، وبنو عامر من عدي، ينظر: الاشتقاق (ص:١٤، ١٨٧، ١٩١، ٢٩٥).
(٣) معاني القرآن، للفراء (٢:٢٣)، وينظر فيه (١٥٤، ٢١٢، ١٦٥)، (٣:١٩٧).
(٤) غريب القرآن، لابن قتيبة (ص:١٨٠).

<<  <   >  >>