للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال مجاهد، وعكرمة، وأبو صالح مولى أمِّ هانئ (١): من غضبِهِم هذا.

قال القاضي أبو محمد رحمه الله تعالى: وهذا تفسيرٌ لا يخصُّ اللَّفظةَ، وقد يكونُ الفورُ لغضبٍ ولطمعٍ ولرغبةٍ في أجرٍ، ومنه الفورُ في الحجِّ والوضوءِ» (٢).

فبيَّن هنا أصل لفظِ الفورِ في اللُّغة، ثم بين أنَّ تفسيره بالغضبِ ليس مطابقاً، وإنما هو تفسيرٌ بالسببِ.

وقد يذكر الشَّاهدَ الشِّعريَّ للَّفظِ الَّذي يفسِّره، ومن ذلك:

١ - في قوله تعالى: {فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ} [الأنفال: ٥٧]، قال: «و {تَثْقَفَنَّهُمْ}، معناه: تأسرهم، وتحصلهم في ثقافك، أو تلقاهم في حالِ ضعفٍ تقدِرُ عليهم فيها وتغلبهم، وهذا من لازم اللفظِ؛ لقوله: {فِي الْحَرْبِ}.

وقيلَ: ثقف: أخذ بسرعةٍ، ومن ذلك قولهم: رجلٌ ثَقِفٌ لَقِفٌ (٣).

وقال بعضُ الناسِ: معناه: تُصادِفنَّهم، إلى نحو هذا من الأقوالِ التي لا ترتبطُ في المعنى، وذلك أن المصادَفَ قد يُغْلَبُ، فيمكنُ التَّشريدُ به، وقد لا يُغلب.


(١) أبو صالح، باذام، مولى أمِّ هانئ، روى عنها وعن أبي هريرة، وعنه: سفيان الثوري، وهو ضعيف مدلس، وعامة ما يرويه تفسيرٌ، وروايته عن ابن عباس غير مقبولةٍ، خاصة إذا كان الراوي عنه الكلبي. ينظر: الكامل في الضعفاء، لابن عدي (٢:٥٠١ - ٥٠٤)، وتقريب التهذيب (ص:١٦٣).
(٢) المحرر الوجيز، ط: قطر (٣:٣١٠ - ٣١١).
(٣) هذا من باب الإتباع والمزاوجة في اللغة، وقد ذكره ابن فارس، فقال: «ومن الاتباع: خفيفٌ ذَفيف، الذفيف: السريع. وهو ثَقِفٌ لَقِفٌ: ذكيٌ». الإتباع والمزاوجة، لابن فارس، تحقيق: كمال مصطفى (ص:٥٩).

<<  <   >  >>