قَدِ اسْتَوَى بِشِرٌ عَلَى العِرَاقِ مِنْ غَيرِ سَيفٍ وَلا دَمٍ مِهْرَاقِ إنه بيتٌ مصنوعٌ ـ وإما أن يكونَ فعل فعلاً في العرشِ سمَّاه استوى». ينظر: المحرر الوجيز، ط: قطر (٧:١٠١)، وينظر: (٥:٥٢٦)، (١٠:٤ - ٥)، (١٤:٢٨٦). وردُّ هذا يطول، وينظر إلى الإمامِ المالكيِّ ابن عبدِ البرِّ في كتابه: التمهيد لما في الموطَّأ من الأسانيد (٧:١٢٩ - ١٤٤)، فقد كتب هذه الصفحاتِ في إثبات الاستواء، ومن (ص:١٤٥ - ١٥٩) تقريرٌ في إثباتِ صفات الباري. وأذكر لك أطرافاً من كلامه في شرح حديث نزول الباري إلى سماء الدنيا في الثلث الأخير من الليل، قال: «وفيه دليل على أن الله عزّ وجل في السماء على العرش من فوق سبع سماوات، كما قالت الجماعة، وهو من حجتهم على المعتزلة والجهمية في قولهم: إن الله عزّ وجل في كل مكان، وليس على العرش، والدليل على صحة ما قالوه [كذا] أهل الحق في ذلك، قول الله عزّ وجل: {الرَّحْمَانُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: ٥] ...» التمهيد (١٢٩). وقال: «والاستواء: الاستقرار في العلو، وبهذا خاطبنا الله عزّ وجل، وقال: {لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ} [الزخرف: ١٣] ...» (ص:١٣١). وفيه كلامٌ كثيرٌ انتخبتُ منه هذا، ليكونَ توضيحاً لمذهب ابن عبد البرِّ المالكي الذي هو مذهبُ السلفِ في هذه المسألةِ، واللهُ الموفِّقُ. (٢) تأويلُ النُّزولِ بأنَّه نزولُ التلاوةِ أوِ العبارةِ مذهبٌ خطيرٌ؛ لأنَّه يعني أنَّ القرآن الذي نقرؤه ليسَ الذي تكلَّمَ اللهُ به إلى جبريلَ، وإنما هو عبارةٌ عن كلامِ اللهِ، أما كلام اللهِ ـ عنده ـ فهو المعنى القائمُ بالنَّفسِ، وهو معنًى واحدٌ أزليُّ. وقد صرَّحَ بعضُ متأخري الأشاعرةِ بأنَّ القرآن الذي نقرؤه مخلوقٌ، فقال: «ومذهبُ أهلِ السُّنَّةِ [يقصدُ الأشاعرةَ] أنَّ القرآنَ؛ بمعنى الكلامِ النَّفسيِّ، ليس بمخلوقٍ، وأما القرآنُ؛ بمعنى اللفظِ الذي نقرؤه، فهو مخلوق، لكن يمتنعُ أن يقالَ: القرآن مخلوقٌ، =