للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إبراهيمُ بنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ: هذا كتابٌ مختصرٌ في إعرابِ القرآنِ ومعانيه» (١).

فإذا اعتمدتَ ما جاءَ في مقدمةِ الفرَّاءِ (ت:٢٠٧) والزَّجَّاجِ (ت:٣١١) لكتابيهما، وجدتَ أنَّ علمَ (إعرابِ القرآنِ) مقصودٌ بالتَّأليفِ، وهو ضميمٌ لعلم (معاني القرآنِ) عندهم، وأنَّ إطلاقَ مصطلحِ (معاني القرآن) عليها دونَ ذكرِ الإعرابِ، إنما هو اختصارٌ في العنوانِ، ويدلُّ على ذلكَ أنَّ محمدَ بنَ الجهمِ (ت:٢٧٧) الذي روى العبارةَ السَّابقةَ عن الفرَّاء (ت:٢٠٧)، يقول قبلها: «هذا كتابٌ فيه معاني القرآن، أملاهُ علينا أبو زكريا يحيى بن زياد الفرَّاء» (٢).

ولعلَّ هذا يشيرُ إلى أنَّ أغلب منْ كتبَ في علم (معاني القرآن) كانَ يضُمُّ إليه علم (إعرابِ القرآنِ) إنْ لم يفردْهُ بمؤلفٍ؛ كما فعلَ النَّحَّاسُ (٣)، حيث جعلَ كتاباً لمعاني القرآنِ، قال فيه: «قصدتُ في هذا الكتابِ تفسيرَ المعاني، والغريبِ، وأحكام القرآنِ، والنَّاسخِ والمنسوخِ عن المتقدِّمينَ مِنَ الأئمَّةِ، وأذكرُ من قَوْلِ الجِّلَّةِ (٤) من العلماءِ باللُّغةِ، وأهلِ النَّظَرِ ما حضرني، وأبينُ تصريفَ الكلمةِ واشتقاقَها ـ إنْ عَلِمْتُ ذلك ـ وآتي مِنَ القراءاتِ بما يَحتاجُ إلى تفسيرِ معناه، وما احتاجَ إليه المعنى من الإعرابِ، وبما احتجَّ به العلماءُ في مسائلَ سألَ عنها المجادلونَ، وأُبَيِّن ما فيه حذفٌ، أو اختصارٌ، أو إطالةٌ لإفهامِه، وما كان فيه تقديمٌ أو تأخيرٌ، وأشرحُ ذلك حتى يتبينَه


(١) معاني القرآن وإعرابه، للزجاج، تحقيق: عبد الجليل شلبي (١:٣٩).
(٢) معاني القرآن للفراء (١:١).
(٣) أحمد بن محمد بن إسماعيل، أبو جعفر النحاس، المصري، أخذ عن علي بن سليمان الأخفش والزجاج وغيرهما، وأخذ عنه منذر بن سعيد البلوطي ومحمد بن علي الأدفوي المصري وغيرهما، كان واسع العلم، غزير الرواية، وكان إذا خلا بقلمه جوَّد، له من الكتب: إعراب القرآن، ومعاني القرآن، والقطع والائتناف، وكلها مطبوعة، توفي بمصر سنة (٣٣٨)، طبقات النحويين واللغويين (ص:٢٢٠، ٢٢١)، معجم الأدباء (٤:٢٢٤ - ٢٣٠).
(٤) الجِلَّة: جمع جليل؛ أي: عظيم.

<<  <   >  >>