للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا البابُ كلُّه يجمعُه التَّأثيرُ الذي له عُمْقٌ ودُخُولٌ، فمنْ ذلكَ: نَقَبْتُ الحائطَ؛ أي: بَلَغْتُ في الثَّقْبِ آخرَهُ، ومنْ ذلك: النُّقْبَةُ منَ الجربِ؛ لأنَّه دَاءٌ شديدُ الدُّخُولِ، والدليلُ على ذلكَ: أنَّ البعيرَ يُطْلَى بالهِنَاءِ، فيوجدُ طعمُ القَطِرَانِ في لحمِه.

والنُّقْبَةُ: هذه السراويلُ التي لا رجلينَ لها، قد بُولِغ في فتحِها ونقبِها.

ونِقَابُ المرأةِ: وهو ما ظهرَ من تَلَثُّمِها من العينين والمَحَاجِرِ.

والنَّقْبُ: الطريقُ في الجبلِ. وإنَّما قيل: نَقِيبٌ؛ لأنَّه يعلمُ دخيلةَ القومِ ويعرفُ مَنَاقِبَهُمْ، وهو الطريقُ إلى معرفةِ أمورِهِم» (١).

٣ - وفي قوله تعالى: {فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ} [الشعراء: ٩٤]: «أي: في الجحيمِ، ومعنى {فَكُبْكِبُوا}: طُرِحَ بعضُهم على بعضٍ. وقال أهلُ اللُّغةِ: معناه: هُوِّرُوا (٢). وحقيقةُ ذلكَ في اللُّغةِ تكريرُ الانكبابِ؛ كأنَّه إذا أُلقِيَ، يَنْكَبُّ مَرَّةً بعد مَرَّةٍ حتى يستقرَّ فيها» (٣).

أمَّا جانب الاستشهاد، فقدْ بلغتِ الشواهدُ الشعريةُ مع عَدِّ المكرر منها في الاستشهادِ في كتابِ (معاني القرآن وإعرابه) قرابةَ سِتَّةٍ وتسعينَ وخمسمائةِ شاهدٍ شعريٍّ، وكثيرٌ من هذه الشَّواهدِ في مسائلِ النَّحْوِ والصَّرْفِ، وفيها ما هو في بيانِ دلالةِ الألفاظِ، إلاَّ أنَّه الأقلُّ، كما هي العادةُ في الكتبِ التي تجمعُ بين الإعرابِ والمعاني، ومنْ أمثلةِ هذه الشَّواهدِ الشِّعريةِ:

١ - في قوله تعالى: {كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ} [المعارج: ٤٣]، قال: «ومعنى {يُوفِضُونَ}: يُسْرِعُونَ، قال الشاعر (٤):


(١) معاني القرآن وإعرابه (٢:١٥٧ - ١٥٩). وينظر: (٢:٢٣٠، ٢٣٣).
(٢) يقال: هَوَّرَ الرجلَ: صرعَه، وهَوَّرَ البناءَ: هدمَه، القاموس المحيط، مادة (هور).
(٣) معاني القرآن وإعرابه (٤:٩٤).
(٤) البيت من شواهد الفراء في كتابه معاني القرآن (٣:١٨٦)، وفيه: «ظلَّت»، بدلاً عن «تعدو»، واستشهد به الطبري في تفسيره، ط: الحلبي (٢٩:٨٩) وفيه «تغدو»، بدل =

<<  <   >  >>