للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثُمَامَةَ ـ فينادي: أَلاَ إنَّ أبا ثُمَامَةَ لا يُحَابُ (١) ولا يُعابُ، أَلاَ وإنَّ صفرَ العَامِ الأوَّلِ العَامَ حلالٌ. فَيُحِلُّهُ الناسُ، فيحرِّمُ صفرَ عاماً، ويحرِّم المحرَّمَ عاماً، فذلك قوله: {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ} إلى قوله: {الْكَافِرِينَ} [التوبة: ٣٧] (٢) = تَبَيَّنَ لك المعنى المرادُ بالآيةِ، وهو أنَّ تأخيرَ الأشهرِ الحُرُمِ وإيقاعَها في أشهرِ الحِلِّ زيادةٌ في الكفرِ إلى كفرِهم، فَصِرْتَ في هذه الآية محتاجاً إلى معرفة معاني المفردات وقصةِ الآيةِ، والله أعلم.

٢ - في قوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى *وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} [الأعلى: ١٤، ١٥]، قيلَ: المرادُ: زكاةُ الفِطرِ وصلاةُ العِيدِ.

وقيلَ: تَطَهَّرَ مِن الشِّركِ بالإيمانِ باللهِ، وصلَّى الصَّلواتِ الخمسَ. وهو قولُ ابنِ عباسٍ (ت:٦٨).

قال ابن الجَوْزِيِّ (ت:٥٩٧) (٣): «والقَولُ قولُ ابنِ عباسٍ في الآيتينِ، فإنَّ هذه السُّورةَ مكيَّةٌ بلا خلافٍ، ولم يكنْ بمكةَ زكاةٌ ولا عِيدٌ» (٤).

لعلَّكَ تلاحظُ في هذا المثالِ أثرَ معرفةِ المكيِّ والمدنيِّ في فَهمِ الآيةِ، فلأنَّ السُّورةُ مكيَّةٌ، لا يمكنُ القولُ بأنَّها نزلتْ بشأنِ زكاةِ الفطرِ وصلاةِ العيدِ المفروضتين في المدينةِ، وأنَّ المرادَ بها هذا دونَ غيرِه، وإن كانتا تدخلانِ في معنى الآيةِ بالنَّظرِ إلى تعميمِ اللَّفظِ.


(١) يُحاب: يُؤَثَّم.
(٢) تفسير الطبري، تحقيق: شاكر (١٤:٢٤٥).
(٣) عبد الرحمن بن علي بن محمد بن الجوزي، أبو الفرج، مؤرخ، محدث، مفسر، واعظ، فقيه، حنبلي، بغدادي المنشأ والوفاة، له في كل علم مشاركة، بلغت مصنفاته الثلاث مائة، منها: «زاد المسير في علم التفسير»، و «الناسخ والمنسوخ»، و «نزهة الأعين النواظر في علم الوجوه والنظائر»، وغيرها، توفي سنة (٥٩٧). ينظر: معجم المفسرين (١:٢٦٨ - ٢٦٩)، مؤلفات ابن الجوزي، لعبد الحميد العلوجي (ص:١١ - ١٢).
(٤) زاد المسير، لابن الجوزي، ط: دار الفكر (٨:٢٣٠).

<<  <   >  >>