للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اختلافُ القراءةِ وتوجيهها في اللُّغةِ، فقال: «من قرأ: {مُتَّكَأً}، فهو الطعام. ومن قرأها: «مُتْكاً»، فخفَّفها (١)، فهو الأتْرُجُّ» (٢).

وعلى هذا يمكنُ حملُ تفسيرِ منْ فسَّرَ المُتَّكأَ بالأترجِّ أنه أرادَ تفسيرَ هذه القراءةِ، ومن فسَّرَهُ بالطعامِ، أرادَ القراءةَ المتواترةَ.

ويكون في القراءةِ المتواترةِ وجهانِ من التَّفسيرِ:

الأول: أنَّ المُتَّكَأَ: ما يُتَّكَأُ عليه من الوسائدِ وغيرها. وهذا هو القول الذي نصرَه أبو عبيدة (ت:٢١٠)، والطبريُ (ت:٣١٠) (٣)، وهو قول أهل اللغة (٤).

الثاني: أنَّ المُتَّكَأَ: الطعام، وهو قول جمهور السَّلف.

والقول الثاني محكيٌ في اللُّغةِ، قال ابن قتيبة (ت:٢٧٦): «{وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً} [يوسف: ٣١]؛ أي) طعاماً، يقال: اتَّكَانَا عندَ فلانٍ؛ أي: طَعِمْنَا.

وقال جميل (٥):

فَظَلِلْنَا بِنِعْمَةٍ وَاتَّكَانَا ... وَشَرِبْنَا الحَلاَلَ مِنْ قِلَلِهْ


(١) قال ابن جني: «وقرأ: {مُتْكاً} ساكنة التاء غير مهموزة ابن عباس وابن عمر والجحدري وقتادة والضحاك والكلبي وأبان بن تغلب، ورويت عن الأعمش». المحتسب (١:٣٣٩)، وزاد ابن عطية مجاهداً، المحرر الوجيز، ط: قطر (٧:٤٩٢).
(٢) تفسير الطبري، تحقيق: شاكر (١٦:٧٢، ٧٣)، وتفسير ابن أبي حاتم (٧:٢١٣٣).
(٣) تفسير الطبري، تحقيق: شاكر (١٦:٦٩، ٧٠، ٧١).
(٤) ينظر: معاني القرآن، للنحاس (٣:٤٢١)، ومادة (وكى، ومتك) في لسان العرب وتاج العروس.
(٥) جميل بن عبد الله القضاعي، المعروف بجميل بثينة، نُسِبَ إليها لحبِّه لها، وكثرةِ شعرِه فيها، وتوفي بمصر في ولاية عبد العزيز بن مروان سنة (٨٢)، ينظر: معجم الشعراء المخضرمين والأمويين (ص:٨٥)، ومعجم الشعراء (ص:٥٧).
والبيت في ديوانه، تحقيق: إميل يعقوب (ص:١٨٩)، والقلل: جمع قُلَّةٍ، وهي إناء للعرب كالجَرَّةِ، وقيل غير ذلك. ينظر: لسان العرب، مادة (قلل).

<<  <   >  >>