للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذكرتُ الإيمانَ ووجوهه في كتابِ تأويل مشكل القرآن (١).

وهذه الصفةُ من صفاتِ اللهِ جلَّ وعزَّ لا تتصرَّفُ تصرُّفَ غيرها، لا يقال: أمِنَ اللهُ؛ كما يقالُ: تقدَّسَ اللهُ، ولا يقالُ: يؤمنُ الله، كما يقالُ: يتقدَّسُ اللهُ.

وكذلك يقال: تعالى اللهُ، وهو تفاعُلٌ من العلو. وتباركَ اللهُ، هو تفاعلٌ من البركةِ، واللهُ متعالٍ، ولا يقالُ: متباركٌ، لمْ نسمعْهُ.

وإنما ننتهي في صفاتِهِ إلى حيثُ انتهى، فإنْ كانَ قد جاءَ من هذا شيءٌ عن الرسولِ صلَّى الله عليه وعلى آلِهِ، أو عن الأئمَّةِ (٢): جازَ أنْ يُطلقَ كما أُطلِقَ غيره» (٣).

في هذا المثالِ بينَ المعنى اللغويَّ للإيمان، وبيَّنَ المعنى الشرعيَ له، وذكر دليلاً على ذلك، ولم يعتمد على المعنى اللغوي فقط في إثبات المرادِ بالإيمانِ، كما هو حال المرجئةِ الذين يجعلونه مجردَ التصديقِ، ولا يدخلون الأعمالَ في مسمى الإيمانِ.


(١) تأويل مشكل القرآن (ص:٤٨١ - ٤٨٢).
(٢) الأصل أنْ نأخذ بما ثبت من صفات الله في القرآن والسنة، وقوله: «أو عن الأئمة» يحمل على أنهم يبينون الصفات الواردة، لا أنهم يطلقون على الله من عند أنفسهم، والله أعلم.
(٣) تفسير غريب القرآن (ص:٩ - ١٠).

<<  <   >  >>