للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمنقعرِ في الآيتينِ واحدٌ، وهي المنقلعةُ من أصولِها، حتى خَوَى منبتُها.

ويقال: انقعرت الشجرةُ: إذا انقلعت. وانقعر البيتُ: إذا انقلعَ من أصلِه فانهدمَ. وهذه الصِّفَةُ في خرابِ المنازلِ من أبلغِ الصِّفاتِ.

وقدْ ذكر اللهُ جَلَّ وعزَّ في موضعٍ آخرَ من كتابِه ما دلَّ على ما ذكرته، وهو قوله: {فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ} [النحل: ٢٦]؛ أي: قَلَعَ أبنيَتَهم من أساسها، وهي القواعدُ، فتساقطت سقوفها، وعلتها القواعدُ وحيطانها، وهم فيها، وإنما قيلَ للمنقعرِ: خاوٍ؛ لأنَّ الحائط إذا انقلعَ من أُسِّهِ خَوَى مكانُه؛ أي: خَلاَ، ودارٌ خاويةٌ؛ أي: خاليةٌ.

وقال بعضهم في قوله: {وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا} [الكهف: ٤٢]؛ أي: خاويةٌ عن عروشها لتهدُّمها. جعل على بمعنى عن، كما قالَ اللهُ تعالى: {الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ} [المطففين: ٢]؛ أي: اكتالوا عنهم لأنفسهم» (١).

٣ - توجيهُ القراءات:

لا يخفى على المطَّلعِ على (تهذيب اللُّغة) اهتمام الأزهريِّ (ت:٣٧٠) بالقراءاتِ القرآنيَّةِ وتوجيهِهَا، كيف لا؟ وقدْ خصَّها بكتابٍ سمَّاه: (القراءات وعلل النَّحويِّين فيها) (٢)، وقدْ أكثرَ الأزهريُّ (ت:٣٧٠) من توجيهِ القراءاتِ في


(١) تهذيب اللغة (١:٤١٣ - ٤١٤). وينظر أمثلة أخرى: (١:٣٦٢، ٣٣٦، ٣٤٣، ٣٥٥، ٤١٣، ٤٢١، ٤٣٦)، (٢:١٤٧، ١٩٤، ٣٢٤، ٣٣٢)، (٤:٣٦، ٥٦، ٧٥، ٨١، ٨٤، ٣١٥، ٣١٧)، (٦:٣٧، ٣١٠)، (٧:٥٦٠، ٥٩٧، ٦٧٣)، (٨:٥١، ٦٧، ٨٣، ١١٠،١٢٨، ١٣٨، ١٥٤، ١٥٦، ٢٠٢، ٢١٠، ٢٥٦، ٣١٩، ٣٩٦).
(٢) قال الأزهري: «... وأما قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: نزل القرآن على سبعة أحرف، كلها شافٍ كافٍ. لقد (كذا) أشبعت تفسيره في كتاب: القراءات وعلل النحويين فيها ...». تهذيب اللغة (٥:١٣).
وقد طبع له كتابٌ في توجيه القراءات في تحقيقين، الأول بعنوان: معاني القراءات، حققه: عيد مصطفى درويش وعوض بن حمد القوزي. والثاني بعنوان: القراءات =

<<  <   >  >>