للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمرادُ بما وردَ في لغةِ العربِ: ألفاظُها وأساليبُها التي نزلَ بها القرآنُ.

وقد أشارَ إلى هذا الشَّاطِبِيُّ (ت:٧٩٠) (١)، فقال: «فإنْ قلنا إنَّ القرآنَ نزلَ بلسانِ العربِ، وإنَّه عربيٌ، وإنه لا عُجْمَةَ فيه، فيعني أنه أُنزِلَ على لسانِ معهودِ العربِ في ألفاظِها الخاصةِ وأساليبِ معانيها، وأنها فيما فُطِرتْ عليه من لسانِها تُخَاطِبُ بالعامِّ يُرَادُ به ظاهره، وبالعَامِّ يراد به العَامُّ في وجهٍ والخاصُّ في وجهٍ، وبالعَامِّ يُرادُ به الخاصُّ، وظاهرٌ ويُرادُ به غيرُ الظاهرِ، وكلُّ ذلك يُعرَفُ من أوَّلِ الكلامِ أو وسطِه أو آخرِه ...» (٢).

ومن أمثلةِ تفسيرِ الألفاظِ، تفسيرُ لفظ «استوى» في قوله تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [يونس: ٣]، قال أبو عبيدة (٣) (ت:٢١٠): «مَجَازُهُ: ظَهَرَ عَلَى العَرْشِ وعَلاَ عَلَيه.

ويُقالُ: اسْتَوَيتُ على ظَهْرِ الفَرَسِ، وعلى ظَهْرِ البَيتِ» (٤).

ومن أمثلةِ تفسيرِ الأساليبِ، تفسيرُ أبي عبيدة (ت:٢١٠) لقوله تعالى: {وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [آل عمران: ١٩١]، قال: «والعربُ تختصرُ الكلامَ ليخفِّفُوه، لِعِلْمِ المستمعِ بتمامِه، فكأنه في تمامِ القولِ: ويقولون: ربنا ما خلقتَ هذا باطلاً» (٥).


(١) إبراهيم بن موسى الغرناطي المعروف بالشاطبي، الفقيه، الأصولي المحقق، صاحب كتاب الموافقات والاعتصام، توفي سنة (٧٩٠). ينظر: نيل الابتهاج بتطريز الديباج (ص:٤٦ - ٥٠)، وشجرة النور الزكية (١:٢٣١).
(٢) الموافقات تحقيق: محيي الدين عبد الحميد (٢:٤٥ - ٤٦)، وينظر: الاعتصام، للشاطبي (٢:٢٩٣ - ٢٩٤)، ثم ينظر أصل هذا الكلام في كتاب الرسالة، للإمام الشافعي (ص:٥١ - ٥٣)، فقد نقل الشاطبي منه هذا الكلام، وزاد عليه.
(٣) معمر بن مثنى البصري، مولى بني تيم، عالِمٌ بالعربيةِ، ومن أكثر الناس رواية لها، وله فيها كتب كثيرة، ومما كتبه في القرآن كتابه المشهور: مجاز القرآن، توفي سنة (٢١٠). ينظر: مراتب النحويين (ص:٧٧ - ٧٩)، وطبقات النحويين واللغويين (ص:١٧٥ - ١٧٨).
(٤) مجاز القرآن (١:٢٧٣).
(٥) مجاز القرآن (١:١١١).

<<  <   >  >>