والصوابُ في هذا الموضوع وغيره مما يتعلَّقُ بأخبار الأنبياءِ وأحوالِهم أن تُستنطقَ النُّصوصُ الشرعيَّةُ، فيُثبتُ ما أثبتته فلا يُرَدَّ، ويُنفى ما نفتْهُ فلا يُثبتُ. وإذا تأمَّلتَ حالَ النَّبي صلّى الله عليه وسلّم، ظهرَ لك أنَّه معصومٌ في التَّبليغِ، إذ لم يردْ البتَّة أنَّ الله أمرَه بأمرٍ، فقال لأمتِه خلاف ما أمره الله، كما يظهرُ لك أنَّ اللهَ لا يُقرُّه على ما يقع منه من الخطأ، وهذا ظاهرٌ في معاتبات الله له. كما أنَّك تجدُ الله يقولُ: {وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ *الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ} [الشرح: ٢، ٣]، ويقول: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِيناً} {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ} [الفتح: ١، ٢]. فلا يصحُّ بحالٍ أنْ تنفيَ ما أثبتَه اللهُ، وإنْ ذهبتَ تتمحَّلُ في التأويلِ، فلا فرقَ بينكَ وبينَ من يعتقدُ الرأي، ثم يستدلُّ له، ويحكِّمُه على ظاهر النصوص. وهذا الموضوع يحتاجُ بسطاً أكثرَ من هذا، وليس هذا محلُّه، والله الموفِّقُ، والهادي إلى سواءِ السبيلِ.