للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويستشهدون لصحَّةِ ما ذهبوا إليه ببيتٍ من الشعر، وهو:

قَدِ اسْتَوَى بِشْرٌ عَلَى العِرَاقِ ... مِنْ غَيْرِ سَيْفٍ ودَمٍ مُهْرَاقِ

وقالوا: استوى في هذا البيتِ: استولى.

وقد قال بهذا التفسير الجهمية (١)، والحرورية (٢)، والمعتزلة (٣)، وتبعهم عليه جملة من المتكلمين من متأخري الأشاعرة (٤)، والرافضة، والزيدية، وغيرهم ممن تأثر بهم في هذا التفسير (٥).

وقدْ سأل ابن أبي دؤاد المعتزليِّ (ت:٢٤٠) (٦) ابنَ الأعرابيِّ اللغويِّ (ت:٢٣١)، فقالَ: «أتعرفُ في اللُّغةِ استوى بمعنى: استولى؟

فقالَ: لا أعرفُ» (٧).

كما وقعَ لابنِ الأعرابيِّ (ت:٢٣١) مناظرةٌ معَ رجلٍ سألَه: «ما معنى قولِ الله عزّ وجل: {الرَّحْمَانُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: ٥]؟

فقالَ: هو على عرشِهِ كما أخبرَ.

فقالَ: يا أبا عبدِ اللهِ، ليسَ هذا معناه، إنما معناه: استولى.


= وقد ردَّ ابن القيم على هذه الانحرافات وغيرها في تأويل الاستواء، ينظر: مختصر الصواعق المرسلة (ص:٣٢٠ - ٣٢٦).
(١) بيان تلبيس الجهمية (٢:٣٤٢)، نقلاً عن صاحب الحيدة.
(٢) ينظر: الإبانة عن أصول الديانة (ص:١٢٠).
(٣) ينظر مثلاً: قول البلخي من المعتزلة في بيان تلبيس الجهمية (٢:٣٣٥).
(٤) ينظر مثلاً: تفسير الرازي (٢٢:٧)، وغرائب القرآن (٨:١٣٥).
(٥) ينظر مثلاً: تفسير الماتريدي (١:٨٥)، وتفسير النسفي (٢:١١٤)، (٣:١٨٥).
(٦) أحمد بن أبي دؤاد القاضي المعتزلي، رأس في فتنة خلق القرآن، كان فصيحاً مفوَّهاً، جواداً مُمَدَّحاً، أصيب في آخر عمره بالفالج، وغضب عليه المتوكل وصادر أمواله، توفي سنة (٢٤٠)، شذرات الذهب (٢:٩٣).
(٧) أصول اعتقاد أهل السنة، للالكائي (١:٣٩٩).

<<  <   >  >>