للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويبنى على ذلك:

أنَّ ما ورد عن هؤلاء السلف الكرام من تفسير ألفاظِ القرآن، أو فهمِهم له، فإنه جارٍ على لغة العرب، وهو حجة يجب الاحتكام إليه، ولا يصحُّ ردُّه ولا الاعتراضُ عليه (١).


= البصري (١٧١ - ١٨٨)، الشعبي (١٩٩ - ٢٢٩)، مجاهد (٢٩٩ - ٢٣٢)، عكرمة (٢٣٣ - ٢٣٥)، قتادة (٢٣٥ - ٢٣٨)، سعيد بن أبي عروبة (٢٧٠)، محمد بن مسلم الزهري (٢٧٤ - ٢٧٩)، مالك بن أنس (٢٨٣ - ٢٨٧)، سفيان الثوري (٢٨٨ - ٢٩٢).
وهنا ملاحظتان:
الأولى: أنَّ الحسن البصريَّ من أكثرِ التابعين وأتباعهم من حيث نقل أقواله وشرحها في كتب غريب الحديث.
الثانية: أنَّ الشَّرحَ في بعضِ الآثارِ الواردة عنهم لا يكونُ من كلامِهم هم، بل قد يكونون سئلوا عن مسألةٍ، فأجابوا عنها، ويكونُ في السؤال الذي وُجِّه إليهم لفظة غريبة تحتاجُ إلى بيانٍ، فيبيِّنُها اللغوي.
(١) من العجيبِ أنَّ أبا حيان الأندلسي في تفسير قَوْلِهِ تعالى: {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلاَ أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ} قال: «والذي رُوِيَ عن السلف لا يساعد عليه كلام العرب؛ لأنهم قدروا جواب «لولا» محذوفاً، ولا يدل عليه دليل؛ لأنهم لم يقدروا: لهمَّ بها، ولا يدل كلام العرب إلاَّ على أن يكون المحذوف من معنى ما قبل الشرط؛ لأن ما قبل الشرط دليل عليه.
وقد طهرنا كتابنا هذا من نقل ما في كتب التفسير مما لا يليق ذكره، واقتصرنا على ما دلَّ عليه لسان العرب، ومساق الآيات التي في السورة مما يدل على العصمة وبراءة يوسف عليه السلام من كل ما يشين ...». البحر المحيط (٦:٢٥٨).
والسلف الذين لا يساعد كلام العرب على قولهم هم: عبد الله بن عباس، وابن أبي مُلَيكَةَ، ومجاهد، والقاسم بن أبي بزة، وسعيد بن جبير، وعكرمة. ينظر أقوالهم في تفسير الطبري، تحقيق: شاكر (١٦:٣٥ - ٣٧).
فهل هؤلاء يفسرون بغير لغة العرب، ثم أليس فيهم ابن عباس، وهو ممن يحتج بعربيته بلا خلافٍ، مع ما آتاه الله من فهم القرآن؟
ولن يكون أبو حيان ـ أو من جاء بعد هؤلاء السلف ـ أشدَّ تعظيماً للأنبياء منهم، لذا فالصواب أن يجعل ما ورد عن هؤلاء من لغة العرب، وأن يحمل نحو القرآن وإعرابه على ما فسروه، لا أنْ يُرَدَّ ويُزعم أن تفسيرهم لا يساعد عليه كلام العرب، والله أعلم.

<<  <   >  >>