للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«وقال سيبويه: زادوا ألفاً ونوناً في الرَّبَّاني إذ أرادوا تخصيصاً بِعِلْمِ الرَّبِّ دونَ غيرِهِ؛ كأنَّ معناه: صاحبُ العِلْمِ بالرَّبِّ دونَ غيرِه منَ العلومِ.

وقال: وهذا كما قالوا: رجلٌ شَعْرَانِيٌّ، ولِحْيَانِيٌّ، ورَقَبَانِيٌّ، إذا خُصَّ بكثرةِ الشَّعَرِ، وطولِ اللِّحيةِ، وغِلَظَ الرَّقبةِ ... والرَّبِّيٌّ: منسوبٌ إلى الرَّبِّ، والرَّبَّانِيُّ: الموصوفُ بِعِلْمِ الرَّبِّ» (١).

وقدْ يكونُ الرَّبَّانِيُّ ـ أيضاً ـ منسوباً إلى الرَّبَّانِ، قالَ الطَّبَرِيُّ (ت:٣١٠): «وأولى الأقوالِ عندي بالصوابِ في الرَّبَّانِيِّينَ: أنهم جَمْعُ رَبَّانِيِّ، وأنَّ الرَّبَّانِيَّ المنسوبُ إلى الرَّبَّانِ الذي يَرُبُّ النَّاسَ، وهو الذي يُصْلِح أمورَهم ويَرُبُّهَا ويقومُ بها، ومنه قولُ عَلْقَمَةَ بْنِ عَبْدَةَ (٢):

وَكُنْتُ امْرُأً أَفْضَتْ إِلَيْكَ رَبَابَتِي ... وَقَبْلَكَ رَبَّتْنِي، فَضعْتُ، ربُوبُ

يعني بقوله: رَبَّتْنِي: وَلِيَ أمري والقيامَ به قبلك من يَرُبُّهُ ويُصْلِحُهُ، فلم يصلحوه، ولكنهم أضاعوني، فضعتُ.

يقالُ منه: رَبَّ أمري فلانٌ، فهو يَرُبُّه ربًّا، وهو رابُّه. فإذا أريد به المبالغة في مدحه قيل: هو ربَّان، كما يقال هو نعسان، من قولهم: نَعَسَ يَنعُس. وأكثر ما يجيء من الأسماءِ على فَعْلانِ ما كانَ منَ الأفعالِ ماضيهِ على فَعِلَ؛ مِثْلَ قولِهم: هو سكرانٌ، وعطشانٌ، وريَّانٌ، من سَكِرَ يَسْكَرُ، وعَطِشَ يَعْطَشُ، ورَوِي يُرْوَى. وقد يجيء مما ماضيه على فَعَل يَفْعُلُ، نحو ما قلنا من نَعَسَ يَنْعُسُ ورَبَّ يَرُبُّ.

فإذا كانَ الأمرُ في ذلكَ على ما وصفْنَا، وكان الرَّبَّانُ ما ذكرنا، والرَّبَّانِيُّ هو المنسوبُ إلى منْ كانَ بالصِّفةِ التي وصفتُ، وكانَ العالِمُ بالفقهِ


(١) تهذيب اللغة (١٥:١٧٨).
(٢) البيت في ديوانه بشرح الأعلم الشَّنْتَمَرِّي، تحقيق: حنا نصر (ص:٢٨). وهو فيه:
وأَنْتَ امْرُؤٌ أفْضَتْ إِلَيْكَ أَمَانَتِي ... وَقَبْلَكَ رَبَّتْنِي، فَضَعْتُ رُبُوبُ

<<  <   >  >>