للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تفسيرُهم لفظَ «لغوب» منْ قولِهِ تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ} [ق: ٣٨]، فقدْ وردَ عنهم:

١ - لغوب: إِزْحافٌ؛ أي: إعياءٌ، عنِ ابنِ عباسٍ (ت:٦٨) من طريق علي بن أبي طلحة (ت:١٤٣).

٢ - لغوب: نَصَبٌ، عنِ ابنِ عباسٍ (ت:٦٨) من طريقِ عطيةَ العوفيِّ (ت:١١١)، وعنْ مجاهدٍ (ت:١٠٤).

٣ - لغوب: عناءٌ، عنِ ابنِ زيدٍ (ت:١٨٢) (١).

وهذه التَّفسيراتُ ـ مع اختلافِها في العبارةِ ـ متقاربةُ المعنى، وهي ترجعُ إلى معنًى واحدٍ، وهو التَّعبُ.

وفي هذا القسمِ ـ وهو أن ترجع الأقوال فيه إلى معنى واحدٍ ـ يجوزُ حملُ الآيةِ على ما وردَ فيها منَ التعبيراتِ المفسِّرَةِ لها؛ لأنَّه في النهاية لا اختلافَ في المرادِ، وإن اختَلفَ التَّعبيرُ عنِ اللَّفظِ المفسَّرِ.

وفي تفسيرِ الطبريِّ (ت:٣١٠) لقولِه تعالى: {أَتَامُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ} [البقرة: ٤٤] ما يدلُّ على هذا المقالِ، قال: «اختلفَ أهلُ التَّاويلِ في معنى «البِرِّ» الذي كانَ المخاطَبونَ بهذه الآيةِ يأمرونَ النَّاسَ به وينسونَ أنفسهم، بعدَ إجماعِهم على أنَّ كلَّ طاعةٍ للهِ فهي تُسَمَّى برًّا» (٢).

ثمَّ ذَكَرَ الرِّوايةَ عنِ السَّلفِ، فعنِ ابنِ عباسٍ (ت:٦٨): «أتأمرونَ النَّاسَ بالدُّخولِ في دينِ محمدٍ صلّى الله عليه وسلّم، وغيرِ ذلك مما أُمِرْتُم به من إقامِ الصَّلاةِ، وتنسونَ أنفسَكم».

وعن قتادةَ (ت:١١٧): «كان بنو إسرائيلَ يأمرونَ النَّاسَ بطاعةِ اللهِ وبتقواه وبِالبِرِّ، ويخالفونَه، فعيَّرَهم اللهُ».


(١) ينظر: تفسير الطبري، ط: الحلبي (٢٦:١٧٩).
(٢) تفسير الطبري، تحقيق: شاكر (٢:٧).

<<  <   >  >>