للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لقد حَكَمَ يحيى بن سلامٍ (ت:٢٠٠) على هذه التَّفاسيرِ بأنها واحدٌ، وإنْ اختلفتْ عبارتُها، لأنَّ معناها الذي تؤدِّيه واحدٌ، وهو أنهم عادلونَ عنِ الصِّراطِ منحرفونَ عنه.

٢ - قالَ الطبريُّ (ت:٣١٠): «وقولُه: {وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ} [الأنبياء: ١٨]، يقولُ: ولكمُ الويلُ منْ وَصْفِكُمْ ربَّكُم بغيرِ صِفَتِهِ، وَقِيلِكُمْ: إنَّه اتَّخَذَ زَوجةً وولداً، وَفِرْيَتِكُمْ عليه.

وبنحو الذي قلنا في ذلكَ، قالَ أهلُ التَّأوِيلِ، إلاَّ أنَّ بعضهَم قالَ: معنى تَصِفُونَ: تَكْذِبُونَ. وقال آخرونَ: معنى ذلكَ: تُشركونَ، وذلكَ وإنْ اختلفتْ به الألفاظُ، فمتفقةٌ معانيه؛ لأنَّ منْ وصفَ الله بأنَّ له صاحبةً، فقدْ كذبَ في وَصْفِهِ إياه بذلكَ، وأشركَ به، وَوَصَفَهُ بغيرِ صفته، غيرَ أنَّ أولى العبارات أنْ يُعبَّر بها عنِ القرآنِ أقربُها إلى فَهْمِ سامعيها» (١).

٣ - قال أبو عليٍّ القاليِّ (ت:٣٥٦): «قرأتُ على أبي بكرٍ بنِ الأنباريِّ: في قولِ اللهِ عزّ وجل: {وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ} [آل عمران: ١٤١] أقوالٌ (٢).

قال قومٌ: يُمَحِّصُهُمْ: يُجَرِّدُهُمْ منْ ذنوبِهم ...

وقالَ الخليلُ: معنى قولِ اللهَ جلَّ وعَزَّ: {وَلِيُمَحِّصَ}: ولِيُخَلِّصَ (٣).

وقالَ أبو عَمْرٍو إسحاقُ بنُ مِرَارٍ الشيبانيُّ: وليمحص: وليكشفَ ... قال: ومعنى قولِهم: اللَّهُمَّ مَحِّصْ عنَّا ذنوبَنَا؛ أي: اكشفْهَا.


(١) تفسير الطبري، ط: الحلبي (١٧:١١).
(٢) ينظر هذا النقل عن أبي بكر بن الأنباري، وهو في كتابه: الزاهر في معاني كلمات الناس (١:١٠٧ - ١٠٨).
(٣) ليس في مادة (محص) من كتاب العين (٣:١٢٧). وفيه: «المَحْصُ: خلوص الشيء، محصته محصاً: خلَّصتُه من كل عيبٍ ... والتمحيص: التطهر من الذنوبِ».

<<  <   >  >>