للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذلك (١)، ولا يَصِحُّ إنكارُهُ لعدمِ رؤيةِ ذلكَ منهما؛ لأنَّ عَدَمَ المعرفةِ بِكُنْهِ ذلك لا يلزمُ منه عَدَمُ الوقوعِ، وهو من غيبِ اللهِ المستورِ، واللهُ أعلمُ.

وقد وردتْ أقوالٌ فيها مُنَاقَضَةٌ لما وردَ عنِ السَّلفِ؛ لأنَّ فيها صَرْفاً للَّفظِ عن ظاهرِهِ، ومنها:

١ - ذهبَ به قومٌ مذاهبَ العربِ في قولِهم: بَكَتْهُ الرِّيحُ والبَرْقُ؛ كأنَّه يريدُ أنَّ اللهَ عزّ وجل حينَ أهلكَ فرعونَ وقومَهُ وغرَّقَهم وأورثَ منازلَهم وجنَّاتِهم غيرَهم، لم يَبْكِ عليهم بَاكٍ، ولم يجزعْ جازعٌ، ولم يُوجَدْ لهم فَقَدٌ (٢).

٢ - وقالَ آخرونَ: أرادَ: فما بكى عليهم أهلُ السَّماءِ ولا أهلُ الأرضِ، فأقامَ السَّماءَ والأرضَ مقامَ أهلِها (٣).

وهناكَ تأويلاتٌ أخرى تَخْرُجُ باللَّفظِ عن حقيقِته (٤)، اكتفيت بما ذَكَرْتُهُ هنا.

هذا ما قالوه في تفسيرِ الآيةِ، فسلَّطوا عليها تأويلاتِهم المنحرفة، كما سلَّطوه على مذهب السَّلفِ فلم يسلمْ من تحريفاتهم، فقد جعلوا تفسيرَهم ليسَ منْ بابِ الحقيقةِ.


(١) ذكر بعض السلف صورة بكاء السماء، وأنه بحمرتها التي تصير بها، ينظر مثلاً: تفسير ابن كثير (٧:٢٥٤ - ٢٥٥)، والله أعلم هل هو ذاك البكاء المراد أم لا؟.
(٢) ينظر: تأويل مشكل القرآن، لابن قتيبة (ص:١٦٩ - ١٧٠)، ومعاني القرآن، للنحاس (٦:٤٠٥)، وبحر العلوم، للسمرقندي (٣:٢١٨)، وأمالي الشريف المرتضى (١:٥٠ - ٥٣)، والكشاف (٣:٥٠٤)، والمحرر الوجيز (١٣:٢٧٧ - ٢٧٩).
(٣) ينظر: تأويل مشكل القرآن، لابن قتيبة (ص:١٧٠)، ومعاني القرآن، للنحاس (٦:٤٠٥)، وبحر العلوم، للسمرقندي (٣:٢١٨)، وتلخيص البيان في مجازات القرآن، للشريف الرضي (ص:٢٥٥)، وأمالي الشريف المرتضى (١:٥٠ - ٥٣)، والكشاف (٣:٥٠٤).
(٤) ينظر: تلخيص البيان في مجازات القرآن، للشريف الرضي (ص: ٣٥٥)، وأمالي الشريف المرتضى (١: ٥٣ - ٥٥)، ومجمع البيان، للطبرسي (٢٥: ١١٢)، ويظهر أنه نقله عن الشريف المرتضى.

<<  <   >  >>