(٢) البحر المحيط، بعناية الشيخ عرفات العشا حسونة (١:١٣). أمَّا اضطرارُ فهم القرآنِ بالرجوعِ إلى تفسيرِ هؤلاء السلفِ، وجعله حجة يُحتكمُ إليه، فهذا هو الصحيحُ، وإلاَّ لأطلقَ كل عالمٍ باللغةِ، أو متعالمٍ عنانه في تأويل القرآنِ دونَ قيدٍ أو ضابطٍ، سوى فهم العربيَّةِ، وهذا غيرُ صحيحٍ البتَّةَ. أمَّا قولُه بأنَّ أقوالَهم متعارضةُ، فلو كان غيرُ أبي حيَّانَ قالها! إنَّه بعلمِه بالعربيَّة يُمكنُ أنْ يؤلِّف بين أقوالِهم ويجمع بينها، ويظهر له اتِّفاقها، لا تباينها وافتراقَها، ومن عِلم أسباب الاختلافِ وتنوُّعه، وتمرَّسَ فيهما، هان عليه ما يرى من اختلافِ السلف، وسَهُلَ عليه معرفةُ التَّفسيرِ. ثُمَّ يُقالُ له: هل هؤلاءِ المختلفونَ يعلمونَ العربيَّةَ ويفسِّرونَ بها؟ فإن كانوا لا يعلمونها ـ وهذا غير صحيحٍ ـ فقد فسَّروا القرآنَ بآرائهم من دونِ علمٍ. وإن كانوا يعلمونها، وهذا هو الحقُّ، فإنَّ المفسِّرَ محتاجٌ إلى معرفة أقوالهم، وقد أشار إلى معرفتهم باللسانِ (١:٢٥ - ٢٦) بقوله: «ومن المتكلمين في التفسير من التابعين: الحسن بن أبي الحسن، ومجاهد بن جبر، وسعيد بن جبير، وعلقمة، والضحاك بن مزاحم، والسُّدِّيُّ، وأبو صالح ... وكانت تآليفُ المتقدمين أكثرها، إنما هو شرح لغة، ونقل سبب، ونسخ، وقصص؛ لأنهم كانوا قريبي عهد بالعرب وبلسان العرب. فلما فسد اللسان، وكثرت العجم، ودخل في دين الإسلام أنواع =