للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تجدُ ما هو نحو التَّجنيسِ إلاَّ في كلامِ المولَّدينَ ومن لا يُحتجُّ به» (١).

والمقصود من ذلك أنَّه لا يلزمُ من كونِ هذا الأسلوب وارداً عند العربِ في مخاطباتِها وكلامِها، أنْ يُحملَ عليه شيءٌ من آيات القرآنِ، بل لو صحَّ حملُ آيةٍ على أسلوبٍ، فإنَّه لا يلزمُ منه صحَّةُ حملِ هذا الأسلوبِ في آيةٍ قرآنيَّةٍ أخرى، كأسلوبِ المشاكلةِ (٢) في قوله تعالى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} [الشورى: ٤٠]، فسمَّى الثَّانية سيئةً لأجل مشاكلةِ الأولى باللَّفظِ لا المعنى.

وصِحَّةُ هذا الأسلوبِ هنا، لا تكونُ دليلاً على صحَّتِه في مثلِ قوله تعالى: {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ} [المائدة: ١١٦] أو غيرِها من صفاتِ الله التي لم ترد ابتداءً، بل هي مقابل عملٍ من أعمال الكفار، كالمكر والخداعِ، فإنها تُحملُ على الحقيقةِ، ولا يصحُّ تأويلُها، والله أعلمُ.


(١) الموافقات، تحقيق محيي الدين عبد الحميد (٣:٢٧٧ - ٢٧٨).
(٢) ذكر الشيء بلفظ غيره لوقوعه في صحبة ذلك الغير. ينظر: التبيان في علم المعاني والبديع والبيان، للطيبي (ص:٣٤٧)، ومعجم البلاغة العربية، لبدوي طبانة (ص:٣١٢).

<<  <   >  >>