للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فذهبَ الشِّافعيُّ رحمه الله إلى أصلِ الكلامِ، وذهبَ المفسِّرونَ إلى المعنى الذي يتسبَّبُ منَ الأصلِ (١).

والمفسِّرون يفسِّرونَ كثيراً منَ الأشياءِ على المعنى، لا على الأصلِ؛ كقولِه تعالى: {ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ} [القصص:٦١]، قالوا: من المعذبينَ (٢)؛ لَمَّا أُحضِروا للتَّعذيبِ» (٣).

٢ - في قوله تعالى: {وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً} [النساء: ١٠٠]، قال ابن عطيَّة: «والمُراغمُ: المُتحوَّلُ والمذهبُ، كذا قالَ ابنُ عباسٍ، والضَّحَّاكُ، والرَّبيعُ (٤)، وغيرُهم. ومنه قولُ النَّابغةِ الجعديِّ (٥):

كَطَودٍ يُلاذُ بِأرْكَانِهِ ... عَزِيزِ المُرَاغَمِ والمَذْهَبِ

وقولُ الآخرِ (٦):

إلَى بَلَدٍ غَيرُ دَانِي المَحَلِّ ... بَعِيدِ المُرَاغَمِ والمُضْطَرَبِ

وقال مجاهد: المراغم: المُتَزَحْزِحُ عمَّا يكره (٧).

وقال ابنُ زيدٍ: المُراغَمُ: المُهاجِرُ (٨).


(١) قول جمهور المفسرين أنَّ المراد: ذلك أقرب ألاَّ تجوروا ولا تميلوا. وهو قول: ابن عباس، والحسن، ومجاهد، وعكرمة، وإبراهيم، وأبي مالك، وقتادة، والربيع والسدي. ينظر: تفسير الطبري، تحقيق: شاكر (٧:٥٤٩ - ٥٥٢).
(٢) الوارد عن السلف: أُحضِروها؛ أي: النار، والمحضرين في عذاب اللهِ، ولم أجد هذا النصَّ الذي ذكره، وهو تفسير على المعنى، وهو صحيحٌ، واللهُ أعلمُ. ينظر: تفسير الطبري، تحقيق: شاكر (٢٠:٩٧)، وتفسير ابن أبي حاتم، تحقيق: أسعد الطيب (٩:٢٩٩٩).
(٣) الرد على الانتقاد على الشافعي في اللغة (ص:١٠٧ - ١٠٨).
(٤) ينظر أقوالهم في تفسير الطبري، تحقيق: شاكر (٩:١١٩ - ١٢٠).
(٥) البيت في ديوانه، ط: المكتب الإسلامي (ص:٣٣).
(٦) البيت بلا نسبة في معاني القرآن وإعرابه، للزجاج (٢:٩٦).
(٧) ينظر: تفسير الطبري، تحقيق: شاكر (٩:١٢٠).
(٨) ينظر: تفسير الطبري، تحقيق: شاكر (٩:١٢٠ - ١٢١).

<<  <   >  >>