وفي تفسير الطبري، ط: الحلبي (٢٣:٩٢) رواية أخرى عنه من طريق عبد الله بن أبي يزيد، قال: «كنت عند ابن عباس، فسألوه عن هذه الآية: {أَتَدْعُونَ بَعْلاً} [الصافات: ١٢٥] قال: فسكت ابن عباس، فقال رجل: أنا بعلها، فقال ابن عباس: كفاني هذا الجواب». وعن قتادة أن «بعلاً» بمعنى: ربًّا، بلغة أَزْدِ شَنُوءة، ينظر: الدر المنثور (٧:١١٩). (١) من العجيبِ أنَّ لفظَ «بعل» يكثرُ في اللُّغاتِ التي سكنت الشامَ، لذا تجدُ من الأسماءِ ما يبتدئ بهذا اللَّفظِ؛ كبعلبك، وبعل صفون، وبعل صور، وغيرها، وهو يرجع في هذه اللغات إلى معنى السيد أو الملكِ كما هو في العربيَّةِ، ويظهرُ ـ والله أعلم ـ أنه كان يُطلقُ على الآلهةِ التي كانتْ تعبدُ من دون الله، كما هو الحالُ في قومِ إلياس عليه السلام الذين عبدوا البعلَ من دونِ اللهِ، وهذه لمحةٌ تحتاجُ إلى زيادةِ تحريرٍ، واللهُ الموفقُ. ينظر ـ مثلاً ـ: معجم الحضارات السامية، لهنري عبودي (ص:٢٢٩ - ٢٢٣). وهذا الكتابُ وأشباهه ليس عمدةً في تحليلِ هذه المعاني؛ لأنه يعتمدُ في تحليلِها ومعرفةِ تاريخها على العبريةِ المعاصرةِ وعلى تراثِ اليهودِ، ودراساتِ العلمانيينَ للتاريخِ القديمِ وللأديانِ، وهذا يجعلُ بحثه غيرَ محايدٍ، وينقصه الكثيرُ من التحقيقِ، خاصَّةً أنه لا يعتمدُ على مصادرِ المسلمين الثابتة (الكتاب والسنة)، ولا على لغةِ العربِ في بيانِ كثيرٍ من غوامضِ مفرداتِ اللُّغاتِ القديمةِ وتاريخها.