رواية ابن أبي ذؤيب: فقد ذبح بسكين. فلا ينبغي أن يقدم عليه إلا من وثق نفسه وتعين له، أو أجبره الإمام العدل عليه. وللإمام العدل إجباره إذا كان صالحًا، وله هو أن يمتنع ويهرب بنفسه عنه، إلا أن يعلم تعينه له فيجب عليه القبول، وذلك إذا تحقق أنه ليس في تلك الناحية من يصلح للقضاء سواه، فلا يجوز له الامتناع حينئذ لتعين الفرض عليه. ولا يأخذه بطلب، لقوله صلى الله عليه وسلم:"إنا، والله، لا نولي على هذا العمل أحدًا سأله ولا أحدًا حرص عليه". ولا يولي وإن اجتمعت فيه شرائط التولية خشية أن يوكل إلى نفسه فيعجز، كما تضمنه الحديث:"إن من طلب القضاء وكل إلى نفسه، ومن أكره عليه أنزل الله عزل وجل ملكًا يسدده" أخرجه أبو عيسى واستحسنه.
المسألة الثانية: في صفات القاضي، وهي ثلاثة أقسام:
القسم الأول: ما يشترط في صحة التولية، ويقتضي عدمه الانفساخ وهي: أن يكون ذكرًا، حرًا، عاقلاً، بالغًا، مسلمًا، عدلاً، عالمًا، من أهل الاجتهاد والنظر، متوحدًا.
فعدم شيء من هذه الصفات يمنع صحة العقد ابتداء، (ويفسخ) وينفسخ العقد بحدوثه، فلا تصح تولية المرأة والعبد وغير العاقل، والصبي، والكافر، والفاسق، والجاهل، ولا المقلد إلا عند الضرورة.
قال القاضي أبو بكر:"فيقضي حينئذ بفتوى مقلدة بنص النازلة (قال): فإن قاس على قوله، أو قال: يجيئ من هذا كذا، فهو متعد". قال:"ولا تحل تولية مقلد في موضع يوجد فيه عالم، فإن) تقلد فهو جائر متعد، لأنه قعد في مقعد غيره، وليس خلعه سواه من غير استحقق". ولا تصح تولية حاكمين معافي كل قضية. ولا تصح تولية الفاسق كما تقدم. وقال أصبغ: تصح توليته ويجب عزله، فالحق وصف العدالة بالقسم الثاني. وجوز الشيخ أبو