الوليد تولية غير العالم، ورأى كونه موصوفًا بالعلم مستحبًا لا شرطًا في الصحة ولا في الإبقاء.
القسم الثاني: ما يقتضي عدمه الفسخ وإن لم يشترط في الصحة، وذلك كاشتراط كونه سميعًا بصيرًا متكلمًا، فعدم بعض هذه، يقتضي أن يفسخ العقد سواء تقدمت أضدادها عليه أو طرأت بعده، وينفذ ما مضى من أحكامه إلى حين العزل وإن كانت موجودة حين الحكم.
القسم الثالث: ما لا يشترط في الانعقاد ولا في الإبقاء، ولكنه يُسْتحبُّ في القاضي. قال الشيخ أبو الوليد:"مثل أن يكون ورعًا، غنيًا ليس بمديان ولا بمحتاج. من أهل البلد، معروف النسب، ليس بولد زنى، ولا بابن لعان، جزلاً نافذاً فطنًا غير مخدوع لغفلة، ليس محدودًا في زنى ولا قذف، ولا مقطوعًا في سرقة، ذا نزاهة عن الطمع، مستخفًا بالأئمة يدير الحق على من دار عليه، ولا يبالي من لامه على ذلك، حليمًا عن الخصوم، مستشيرًا لأولي العلم".
وقال أبو القاسم بن محرز: ليس يتأتى له القيام بما نصب له حتى يكون ذا نزاهة ونصيحة ورحمة وصلابة. ليفارق بالنزاهة من يطمع ويتشوف لما في أيدي الناس، وبالنصيحة من يريد الظلم ولا يبالي بإيقاع الغش في الخطأ والغلط، وبالرحمة حال من يقسو قلبه فلا يرحم اليتيم والصغير، ولا ينهض بنصر المظلوم، وبالصلابة حال من يضعف عن استخراج الحقوق، وعلى الإقدام على (ذوي) السلطنة والقهر والظلم.
وقال القاضي أبو محمد:"ينبغي أن يكون فطنًا متيقظًا، كثير التحرز من الحيل، وما يتم مثله على المغفل والناقص أو التهاون، وأن يكون عالمًا بالشروط عارفًا بما لابد منه من العربية واختلاف معاني العبارات، فإن الأحكام تختلف باختلاف العبارات في الدعاوى والأقدار والشهادات، ولأن كتاب الشروط هو الذي يتضمن حقوق المحكوم له وعليه، والشهادة تسمع فيه، فقد يكون العقد واقعًا على وجه يصح أول لا يصح، فيجب أن يكون له علم (بتفصيل) ذلك ويجمله". قال:"وينبغي أن يستبطن أهل الدين والأمانة والعدالة والنزاهة ليستعين بهم على ما هو بسبيله، ويقوي بهم على (التوصل) إلى ما ينوبه، ويخففون عنه فيما يحتاج إلى الاستنابة من النظر في الوصايا والأحباس والقسمة وأموال الأيتام وغير ذلك مما ينظر فيه".