وقال الأستاذ أبو بكر: وليس يكتفي بالعقل الذي يشترط في التكليف وهو استدلاله بالشاهد على الغائب (وعلم) بالمدركات الضرورية، بل لابد أن يكون صحيح التمييز، جيد الفطنة، بعيدًا من السو والغفلة، حتى يتوصل بذكائه إلى وضوح ما أشكل، وفصل ما أعضل. قال: وليس يستحسن، أيضًا، الزيادة في هذا الباب حتى يفضي بصاحبه إلى الدهاء والمكر والخبث الخدع، فإن هذا مذموم، محذر منه، غير مأمون إليه، والناس منه في حذر، وهو من نفسه في تعب. وقد أمر عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعزل زياد بن أبيه وقال له: كرهت أن أحمل على الناس فضل عقلك، وكان من الدهاة.
فرع: قال المتأخرون. "ليس لأصحابنا في تولية الأمي الذي لا يكتب وإن كان عالمًا عدلاً، نص. وحكوا عن أصحاب الشافعي وجهين الجواز والمنع". ثم اختار القاضي أبو الوليد الجواز.
وقال الشيخ أبو الوليد:"الأظهر عندي الجواز"، وذكر تعليله، "ثم قال: وإن للمنع من ذلك لوجهًا، لما فيه من تضييق وجوه الحكم".
المسألة الثالثة: في استخلاف القاضي.
وإذا نهى عن الاستخلاف لم يكن له أن يستخلف، وإن أذن له فيه استخلف على مقتضى الإذن، فن تجرد عقد التولية عن النهي والإذن جميعًا فقال ابن الماجشون ومطرف وأصبغ: ليس لقاضي الخليفة استخلاف قاض مكانه إذا كان حاضرًا يحكم ولا إن عاقه ما يعوق من