يدخله من فعل ذلك استكبار، فغن سلف هذه الأمة وخيار الصحابة رضي الله عنهم كانوا يسألون عما نزل بهم، فصعد أبو بكر رضي الله عنه المنبر يسأل عن الجدة، وكان عمر رضي الله عنه يأتي زيد بن ثابت رحمة الله عليه في أمر الجد وميراثه، وسأل عمر أيضًا عن ميراث المرأة في دية زوجها.
ولا يفتي القاضي فيما يختصم إليه فيه، ولا يمتنع من الفتوى في الزكاة والصلاة والطهارة والحج والمحيض وأنواع الفقه غير الخصومات، ولا يجيب من سأله فيما يتعلق بالخصومات، إلا أن يجيب المتفقهين في جميع ذلك.
واختار بن عبد الحكم أنه لا بأس أن يجيب ويفتي في كل ما سئل عنه مما عنده فيه علم، واحتج بأن الخلفاء الأربعة رضوان الله عليهم كانوا يفتون الناس في نوازلهم. ولا بأس أن يجلس القاضي في مجالس العلم، فيعلم أو يتعلم، كل ذلك حسن.
الأدب السابع: أن لا يشتري بنفسه، ولا بوكيل معروف، حتى لا يسامح في البيع. قال محمد بن عبد الحكم: وليس بين شرائه بنفسه وبين توكيله بذلك فرق. قال: ولا يوكل إلا من يأمنه على دينه، لئلا يسترخص له بسبب الحكم وما أشبه ذلك.
قال مطرف وابن الماجشون: وينبغي للقاضي أن يتورع عن طلب الحوائج والعواري من الماعون والدابة يريد ركوبها وما أشبه هذا، أو السلف، أو أن يقارض أحدًا، أو يبضع مع أحد. ولا يحضر ولائم الخصمين، ولا ينبغيله أن يحضر ولائم غيرهما الخاصة، فأما العامة، فإن كانت وليمة النكاح حضرها، ثم إن شاء أكل وترك ذلك أحب إلي من غير كراهية، وإن كانت لغير النكاح فأجيز له الحضور وكره، إلا ما كان من جهة ولده أو والده أو شبههما من خاصته.
ولا يقبل الهدية ممن له خصوم’ ولا ممن ليست له خصومة، ولو كان ممن يقبلها منه قبل الحكم، أو كافأ عليها أضعافها، إلا من والده أو ولده ومن أشبههم من خاصة القرابة، فإن قبلها [فهي] سحت.
قال مطرف وابن الماجشون: ولا ينبغي للقاضي أن يتضاحك مع الناس، ويستحب أن تكون فيه عبوسة من (غير غضب)، وأن يلزم التواضع والتقرب في غير وهن ولا ضعف ولا ترك لشيء من الحق، ولا يرى الناس منزلة لأحد عنده، ولا يدعو إلى أحد في عدالة ولا