للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شهادة، ولا ينبغي له أن يكثر الداخلون إليه، ولا الركاب معه، ولا المستخلون به في غير ما خاصة كانت منهم به قبل ذلك، إلا أن يكونوا أهل أمانة ونصيحة وفضل في أنفسهم فلا بأس به.

وقالا أيضًا: وينبغي للقاضي، (أيضًا)، أن يمنع أهل الركوب معه في غير حاجة ولا رفع مظلمة ولا خصومة، فإن ذلك إذا وافقه كبرت نفسه وعظم عنده سلطانه، ويحسب القاضي من معرفة الرجل بحال قبيحة أن يصحبه في غير حاجة ولا رفع مظلمة ولا خصومة، وحق عليه أن يمنع من ذلك، لأنهم إنما يلزمون ذلك لاستنكال الناس به، واختداعهم عليه بإظهار المنزلة عنده.

قالا: وينبغي للقاضي أن يتقدم إلى أعوانه والقوام عليه في الخرق والشدة على الناس، ويأمرهم بالرفق واللين والق ب منهم في غير ضعف ولا تقصير عن شيء مما ينبغي ولو كان يستغني عن الأعوان أصلاً كان ذلك أحب إلينا، إلا أن يضطر فيخفف منهم ما استطاع.

الأدب الثامن: قال مطرف وابن المجاشون: إذا شتم أحد الخصمين صاحبه عند القاضي أو أسرع إليه بغير حجة، مثل قوله: يا ظالم، يا فاجر، ونحو هخذا، فعليه أن يزجره (عنه)، (ويضرب) على (مثل) هذا، ما لم تكن فلتة من ذي مروءة، فيتجافى عن ضربه، حتى يكون جلوسهما عنده بسمت ووقار، فإنه (من) م ينصف الناس في أعراضهم لم ينصفهم في أموالهم.

(قالا: (و) ينبغي للقاضي إن لمزه أحد الخصمين بما يكره أن يعزره، والأدب في مثل هذا عندنا من العفو عنه.

وليخف الناس بلزوم الحق واتباعه. قال محمد بن عبد الحكم: وإن قال له الخصم: اتق الله في أمري وأذكرك الله، أو ما أشبه هذه الأفلاظ، فلا يعظم ذلك عليه، ولا يغلظ في القول، ولا يضرب عن سماع حجة إن ظهرت له، بل ينبغي له أن يثبت ويجيبه بجواب لين كقوله رزقني الله تقواه، وما أمرت إلا بخير، وإنه يجب علي وعليك أن نتقي الله، ويبين له من أين يحكم عليه، ويقول: إني أرى من تقوى الله أن آخذ منك الحق إذ بان، أو يقوله له: لولا تقوى الله ما حكمت عليك، وشبه هذا. قال: وأحب أن يجعل القاضي رجالاً من إخواته، يثق

<<  <  ج: ص:  >  >>