للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بدينهم ويصدقهم ومعرفتهم، يخبرونه بقول الناس فيه من أخلاقه وما ينكرونه عليه، وإنكار حكم إن حكم به فأنكروه، وشاهد إن أجازه أو طرحه فأنكروه. فإذا أخبروه بذلك سأل عن ذلك وفحص واستقصى فيه، فإن ذلك قوة له على أمره إن شاء الله).

وإذا ظهر للقاضي كذب الشاهد عزره على الملإ، ونادى عليه، ورأى القاضي أبو بكر أن يسود وجهه.

وقال محمد بن عبد الحكم: إذا صح على رجل أنه يشهد بالزور، وأنه يأخذ على شهادته الجعل ويشهد، رأيت أن يطاف به، ويشهر في المجالس والخلق، وحيث ما يعرفه جماعة الناس، ويكتب بذلك القاضي عليه كتابًا يشهد فيه وينسخه نسخًا، ويستودعه من يثق به في دينه وأمانته، ويضربه مع ذلك ضربًا موجعًا، ولا يحلق له رأسًا ولا لحية. قال: ولست أرى أن تجوز له شهادة أبدًا إذا كان ظاهر العدالة حين يشهد، لأن هذا منه رياء ليس على الديانة، وهذا لا تكاد تعرف توبته.

الأدب التاسع: قال مطرف وسحنون: لا يقضي لولده ولا لأحد ممن لا تجوز شهادته له. وقال أصبغ في كتابه: يجوز حكمه للجميع.

وقال ابن الماجشون: يجوز للجميع إلا لزوجته ويتيمه الذي يلي ماله، ولا يتهم في الحكم كما يتهم في الشهادة. وقال أصبغ أيضًا مثل قول مطرف: إذا قال: ثبت له عندي، ولا يدري أثبت أم لم يثبت، ولم يحضر الشهود، فإذا حضروا وكانت الشهادة ظاهرة بحق بين فحكمه له جائز، ما عدا زوجته وولده الصغير، ويتيمه الذي يلي ماله، لأن هؤلاء كنفسه. ولا يقضي على عدوه، بل يحيل على غيره.

الأدب العاشر: إنه لا ينقض قضاء غيره إذا كان عدلاً عالمًا ولا يتعقب أحكامه إلا إذا خالف قاطعًا، فإنه ينقض ما خالف فيه القاطع من أحكامه.

فأما القاضي العدل الجاهل المتحري، فإنه يتعقب أحكامه، فما وافق الحق نفذه، وما خالفه رده.

وأما القاضي الجائر المتعسف، فلا يتعقب له حكمًا، وليبتدئ النظر فيما حكم فيه مما وقع إليه، ولا ينظر إلى سجله، لأنه لابد أن يتحلى فيه بالعدل. وقال أصبغ: يتصفح أحكامه أيضًا، فما كان صوابًا أمضى. قال أبو القاسم بن محرز: والمعروف لابن الماجشون في المجموعة والمبسوط مثل مذهب أصبغ: أنه لا يرد من أقضية إلا ما عرف فيه جور. قال:

<<  <  ج: ص:  >  >>