كفى، حتى إذا حفظ الشاهد القبالة وما فيها، وشهد على إقراره، جاز أيضًا على إحدى الروايتين، ووجه الجواز أن الإقرار بالمجهول صحيح.
ثم للشاهد على الحكم أن يشهد عند المكتوب إليه وعند غيره، وإن لم يكتب القاضي ي كتابه: إلى من يصل إليه من القضاة، وكذلك يشهد، وإن مات المكتوب إليه والكاتب.
ولتكن عدالة شهود الكتاب ظاهرة عند المكتوب إليه، ولا يكفي تعديلهما في ذلك الكتاب الذي إنما يثبت بشهادتهما.
وليذكر في الكتاب اسم المحكوم عليه واسم أبيه وجده وحليته ومسكنه وصناعته أو تجارته وشهرة إن كانت له بحيث يتميز بذلك. فإن كان في ذلك البلد رجل يلائمه ي ذلك كله لم يحكم له حتى يأتي ببينة، تعرف أنه المحكوم عليه بعينه. ولو كان أحد المتلايمين قد مات لم يستحق على الحي منهما ما في الكتاب حتى تشهد البينة أنه الذي استحق عليه، إلا أن يطول زمان الميت، ويعلم أنه ليس هو المراد بالشهادة لبعده، فيلزم الحي.
وأما الكتاب المجرد من غير شهادة على القاضي فلا أثر له. قال ابن القاسم وابن الماجشون: ولابد من شهود بأن هذا الكتاب كتاب فلان القاضي. وزاد أشهب: ويشهدون أنه أشهدهم عليه، وروى ابن وهب: ويشهدون أنه أشهدهم بما فيه.
وقال ابن نافع عن مالك: كان من الأمر القديم إجازة الخواتم حتى إن كان القاضي ليكتب للرجل بالكتاب إلى القاضي، فما يزيد على ختمه فيجاز له، حتى أحدث عند اتهام الناس الشهادة على خاتم القاضي: أنه خاتمه.
وقال ابن كنانة: كان إذا جاء كتاب من قاضي مكة إلى قاضي المدينة أنفذه بغير بينة، ثم نظر أهل العلم في ذلك، فخافوا أن تملك الأموال وتستحل الفروج بغير بينة، فألزموا الناس البينات على الكتب التي يأتي من كورة إلى كورة، وإذا جاء من أعراض المدينة إلى قاضي المدينة قبلوه بغير بينة يجتزئون في ذلك بمعرفة الخط والخواتم والجواب، إذا كان ذلك في الحقوق اليسيرة. وكذلك قال عبد الملك نحو هذا، ولم يذكر ما قال ابن كنانة في الحقوق اليسيرة.
وأما الشفاهة، ف لو شافه القاضي قاضيًا آخر لم يكف، لان أحدهما في غير محل ولايته، فلا ينفع سماعه أو إسماعه، إلا إذا كانا قاضيين لبلدة واحدة، أو تناديا من طرفي ولا يتهما، فذلك أقوى من الشهادة فيعتمد. ولو كان المسمع في محل ولايته دون السامع ورجع السامع إلى محل ولايته فهي كشهادة يسمعها في غير محل ولايته، فلا يحكم بها إذ لا يحكم بعلمه.
ولو اقتصر القاضي على سماع البينة على الغائب وكتب إلى قاض آخر حتى يقضي