المكتوب إليه جاز مهما ذكر أسماء شهود الواقعة وعلى المكتوب إليه أن يبحث على عدالة الشهود، وكأن الأول ناب عنه في سماع البينة فقط، فعليه هو التعديل والحكم، ولو كتب الأول عدالتهما وأشهد عليه جاز ذلك.
ثم إن ادعى الخصم جرحًا فليظهره ويمهل، فإن قال: لا يمكن جرحهم إلا في بلدهم فلا يمكن منه، بل يسلم المال، ثم إن ظهر الجرح استرد.
فرع: إذا ورد كتاب قاض على قاض، فإ عرفه بأنه أهل للقضاء قبله. قال في المجموعة: إذا كتب قاض إلى قاض، فإن ثبت عنده أن الذي كتب إليه مستحق للقضاء في فهمه ومعرفته بأحكام من مضى وآثارهم مع فضله ودينه وورعه وانتباهه وفطنته، وغير مخدوع في عقله، فليقبله، وإن عرفه بأنه ليس بأهل لذلك لم يقبله. قال أشهب في رواية سحنون عنه: إذا كتب إليه غير العدل أن بينة فلان ثبتت عندي، فلا يقبل كتابه، لأنه ممن لا تجوز شهادته.
وإن لم يعرف حاله، فروى ابن حبيب عن أصبغ: إن جاءه بكتاب قاض لا يعرفه بعدالة ولا سخطه، فإن كان من قضاة الأمصار الجامعة، مثل المدينة ومكة والعراق والشام ومصر والقيروان والأندلس، فلينفذه وإن لم يعرفه، وليحمل مثل هؤلاء على الصحة.
وأما قضاة الكور الصغار، فلا ينفذه حتى يسأل عنه العدول وعن حاله.
الركن الرابع: المحكوم به، وذلك لا يخفى في الدين، وكذلك العقار الذي يمكن تعريفه بالحد، إذا قلنا: قضي على الغائب في العقار، إما لبعد الغيبة، أو مطلقًا على الرواية الأخرى.
أما العبد والفرس وما يتميز بعلامة، فقال ابن القاسم وسحنون: يحكم فيه بذلك إن كان غائبًا. وقال ابن كنانة: إن كان العبد لا يدعي الحرية ولا يدعي أحد ملكه حكم فيه بالصفة، وإن كان يدعي الحرية أو يدعيه من هو في يده فلا يحكم فيه بذلك.
الركن الخامس: المحكوم عليه، وشرطه أن يكون غائبًا عن البلد. واشترط محمد بن عبد الحكم أن يكون له بالبلد الذي يحكم عليه فيه مال أو حميل أو وكيل. قال: إذ لم يول الحكم على جميع الناس، إنما ولي على أهل بلد خاص، قال: ولكن ينقل [الشهادات] إلى غيره من القضاة.
وإذا كان المدعى عليه في البلد فقال سحنون: لا تسمع البينة دون حضوره، إلا أن يتوارى أو يتعذر فيقضي عليه كالغالب. وقال ابن حبيب: قال ابن الماجشون: العمل عندنا أن يسمع القاضي بينة الخصم ويوقع شهاداتهم، حضر الخصم أو لم يحضر، فإذا حضر قرأ عليه الشهادة، وفيها أسماء الشهود وأنسابهم ومساكنهم، فإن كان عنده لشهادتهم مدفع، أو