لعدالتهم مجرح أطرده ذلك، وإلا لزمه القضاء. وإن سأله أن يعيد عليه البينة حتى (يشهدوا) بمحضره فليس ذلك له، ولا ينبغي للقاضي أن يجيبه إلى ذلك. ولو سأله الخصم بدءا ألا يسمع من بينة صاحبه إذا أتى بها إلا بمحضره، فإن خشي القاضي عليه في ذلك دلسة أو استرابة ورأى أن اجتماعهم أجمع للفصل وأبرأ من الدخل فليجبه، وإن أمن فلا يجبه، فإن أجابه، حين سأله ذلك من غير شيء خافه عليه، فليمض له ذلك، لاختلاف الناس فيه، فقد قال بعض العراقيين: لا يكون إيقاع الشهادة إلا بمحضر الخصم المشهود عليه. قال ابن حبيب: وقال مطرف وأصبغ مثله. وقال فضل بن سلمة: سحنون لا يرى إيقاع الشهادة إلا بمحضر الخصم، إلا أن يكون الخصم غائبًا غيبة بعيدة.
واختتام البا بذكر فروع:
الفرع الأول: إذا غاب الخصم ولم يكن موضعه يزيد على مسافة العدوى أحضره القاضي. قال محمد بن عبد الحكم: إذا استعدى الرجل على الرجل، فإن كان في المصير معه أعطاه عدواه، بخاتم يختمه له، أو رسول يرسله حتى يجلبه إليه، وكذلك إن كان في القرب من المصر، فأحب إلي أن يجلبه إذا كان يقدر على أن يأتيه وينظر بينه وبين خصمه، ويرجع فيبيت في منزله.
قال محمد: وإنما هذا إذا كان السبيل مأمونًا لا يخاف على الذي يجلبه إليه في طريقه الخوف الذي يقل معه الأمن، فأما إذا كان الأغلب السلامة وإنما يقع الخوف الفلتة والمرة في الزمان، فإنه يجلب لأن هذا أمر لا تخلو منه الدنيا.
الفرع الثاني: إذا كان موضعه يزيد على المسافة المذكورة، فقد قال محمد: وإذا كان بعيدًا من المصر، على ما فسرت لك، لم يجلبه، إلا أن يثبت عليه شاهدان أو شاهد بحق، فيكتب إليه مع ثقة: إما أن يرضي خصمه، وإما أن يحضر معه.
الفرع الثالث: إذا كان للغائب مال في البلد وجبت التوفية منه.
الفرع الرابع: يقبل كتاب القاضي إلى القاضي في العقوبات وفي القصاص والحدود