للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يحمله فهم بعضهم. ورب شيء خفيف يفيئ بتحمله كل أحد، فما كان مثل ال شيء الذي لا يكاد يلتبس، [أو] اللفظة التي لا تتعلق بغيرها ولا يطول الخطاب معها قبلت فيه شهادة كل عدل، وما كان من القصص الطويلة والأمور التي فيها مراجعة، ولا يؤمن على الشاهد إذا كان مغفلاً أن يذهب عليه بعضها، ولعل ما فهم متعلق بما ذهب عليه، فإن هذا وشبه لا يقبل فيه إلا من المتيقظ المميز.

السبب الخامس: الحرص على زوال (التعبير) اللاحق للشاهد، وذلك من وجهين:

الوجه الأول: إظهار البراءة مما رمي به، وذلك مثل دفع عار الكذب، فمن ردت شهادته لفسق [فتاب]، [ثم شهد] بشهادته التي رد فيها، لم تقبل منه، لأنه يدفع بها عار التكذيب. وكذلك الشهادة المعادة من العبد والصبي والكافر إذا زال نقصهم الذي ردت شهادتهم من أجله لا تقبل أيضًا، لما في الطباع البشرية من شدة الحرص على غسل المعرة بالتكذيب للشاهد.

الوجه الثاني: قصد التأسي والتسلي بأن يجعل غيره مثله ليتسلى بذلك عند عجزه عن براءة نفسه كقصة زليخا. وقد قال عثمان رضي الله عنه: "ودت الزانية أن النساء كلهن زنين". وقد نبه الله تعالى على التسلي بالاشتراك بقوله تعالى: (ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم أنكم في العذاب مشتركون).

إذا تقرر هذا: (فمن أتى [كبيرة] فحد (لها) كزان بكر جلد، أو سارق قطع، أو شارب حد، أو قاذف جلد، ثم تاب هؤلاء وصلحت أحوالهم حتى صاروا عدولاً، فإن شهادتهم لا تقبل في مثل ما حدوا فيه، هذا مذهب مطرف وابن الماجشون وأصبغ وسحنون.

زاد مطرف وابن الماجشون في الزاني والمنبوذ رد شهادتهما فيما يتعلق بالزنى أيضًا كاللعان والقذف. وقال ابن الكنانة بقبول شهادة هؤلاء كلهم فيما حدوا فيه.

قال الإمام أبو عبد الله: "وهو ظاهر الكتاب، وظاهر إطلاق غيره من الكتب المذكور

<<  <  ج: ص:  >  >>